2024-03-19

راهنوا على الفدائي!

2020-10-31

كنت احد الشاهدين على تألق منتخب فلسطين في الدورة الرياضية العربية بعمان سنة 99 ، بقيادة الراحل عزمي نصار ، الذي أحسن ترتيب أوراق منتخب قوي ، جل عناصره من الخارجين من رحم الانتفاضة في المحافظات الشمالية والجنوبية .

  يومها كنت اعد تقريرا عن تعادلنا مع ليبيا ، التي كانت مدعومة على أعلى مستوى سياسي ، ويقودها وفدها الساعدي معمر القذافي ، وجاء صاروخ صائب جندية العابر ليقلب الأمور في الوقت القاتل .

  وبينما كنت ابحث عن عنوان للتقرير كان ابن “عقبة جبر” الصحفي الفذّ جمعة نصار ، المقيم في الإمارات يراقب ما سأكتب ، ولما لاحظ ترددي دخل على الخطّ قائلا : أكتب يا فايز نصار ” بجدارة …فلسطين في الصدارة !”

  والحق يقال : اننا لم نحسن الاستفادة من تألق الفدائي في عمان ، وعملت ظروف موضوعية ، وأخرى غير موضوعية على عودة المنتخب الى نقطة البداية ، وأصبح حصان عبور للمنتخبات الأخرى في كثير من البطولات .

 ومع مجيء الاصلاح الكروي ، بعد تولي اللواء الرجوب مقاليد الأمور في الرياضة كان الاهتمام كبيرا بالمنتخبات الكروية ، وضعت الخطط اللازمة لتطوير الفدائي بكافة فئاته ، على مختلف المستويات ، وتمّ الرقيّ بكل عناصر انجاز اللعبة الأكثر شعبية .

 ومع الوقت استعاد الفدائي هيبته ، وأصبح منتخبا يحسب له الف حساب في مختلف البطولات ، لان القائمين على المنتخبات – من اداريين وفنيين – عرفوا من اين تؤكل الكتف الكروية ، وأحسنوا حشد مبدعي فلسطين من الوطن والشتات ، وكانوا أذكياء في ضم عدد من النجوم الذين ينحدرون من أصول فلسطينية .

   وكانت بطولة التحدي محطة هامة في النهوض الكروي الفلسطيني بقيادة المدرب – الفلسطيني الأصل – جمال محمود ، فتأهل الفدائي الى مونديال القارة الكبرى في استراليا ، ليشرف على قيادته في البطولة المدرب الفلسطيني أحمد الحسن .

والحق يقال أيضا : ان منتخبنا حاول مقارعة الكبار ، ولكن الخبرة خذلته أمام منتخبات تفوقه عدة وعديدا ،وتتقدم عليه مراحل في الخبرة والدراية ، والقدرة على التعامل مع المنافسات الكروية الكبرى .

   بعدها أوكلت الأمور للمدير الفني عبد الناصر بركات ، الذي كان منذ شبابه قريبا من المنتخبات الوطنية ، وتقلد عدة مرات منصب المدير الفني للعديد من المنتخبات من مختلف المراحل السنية ، وخاصة من المنتخب الاولمبي ، الذي كبر لاعبوه ، ددا مهنم  معه للمنتخب الأول .

   وكان المدير الفني الحالي – الجزائري نور الدين ولد علي – احد أعضاء الجهاز الفني مع بركات ، حيث احسن القيام بمهمة المحضر البدني ، وتعاون الجميع مع مدرب الحراس التونسي مكرم دبدوب ، ليستعيد الفدائي بريقه ، ويحرق المراكز على سلم الفيفا ، حتى وصل الى منتصف السبعينات ، بما يشكل أفضل ترتيب للفدائي عبر التاريخ .

  وخاض الفدائي معمعة التصفيات المزدوجة لمونديال روسيا وأمم اسيا ، واحتل المركز الثالث وراء السعودية والإمارات ، وعوض ذلك بتصدر مجموعته في الدور الثاني وضمان التأهل لمونديال اسيا الاماراتي ، بعد نتائج جيدة أبرزها الفوز على عمان .

   وبعد فترة غير مقنعة – تعرض المنتخب خلالها لإخفاقات غير مبررة -حين قاد المنتخب المدرب البوليفي خوليو  تولى الجزائري ولد علي مهمة المدير الفني ، وبدأ الفدائي يستعيد بريقه تدريجيا ، فحقق نتائج محترمة بالفوز على عدد من المنتخبات ، مع فرض التعادل على الصين في قلب الصين ، والتعادل مع ايران الأفضل اسيويا ، والخسارة بصعوبة مع العراق الرائعة .

  وبناءا على كل ذلك يرى كثير من النقاد أن المنتخب الفلسطيني يستطيع تجاوز الدور الأول اذا خرج بنتيجة مرضية من لقاء الافتتاح امام سوريا ، لان ورقة المركز الثالث قد تلعب بعد ذلك بينه وبين المنتخب الاردني ، الذي يعرفه الفدائيون جيدا .

  ورغم ان كثيرا من المحللين يرون ان منتخب فلسطين لن يستطيع التأهل ، الا أن هناك من ينحازون للفدائي ، ومنهم الاسباني زافي المقيم في قطر ، والذي تابع تحضيرات ومباريات فلسطين ، ويرى ان فلسطين قادرة على التأهل ضمن أصحاب المركز الثالث .

   ورغم ان هذا التكهن اغضب النشامى الا ان زافي محق في التوقع بما يرى ، ومثل زافي من النجوم لا يجاملون ،تماما مثلما ان محلل مثل المصري ابو تريكة يتمنى تأهل فلسطين ، ولكنه يرى ان الأمر صعب ، ونحن هنا نحترم رأي هذا وذاك ، ونرى ان الردّ يجب ان يكون فوق المستطيل الأخضر .

  نعم … يجب ان يكون الردّ فوق المستطيل الأخضر ، من خلال وعي لاعبي المنتخب بجسامة المهمة التي عليهم الاطلاع بها ، لتشريف فلسطين ، وإسماع العالم صوت أبناء فلسطين ، الذين يتعرضون للقهر من قبل المحتل الدخيل .

   يجب ان يكون الردّ فوق المستطيل الأخضر ، حتى ندعم ملف مشروعنا الوطني الفلسطيني الكبير ، لان نجاح منتخبنا بين عمالقة آسيا يمثل ورقة تدعم حقوقنا ، وتساهم في إقناع الأصدقاء بجدوى استعادة الحقوق وإقامة الدولة المستقلة .

  يجب ان يكون الردّ فوق المستطيل الأخضر، لان فلسطين يجب ان تكون ضمن دائرة الريادة والصدارة ، فنحن من سبق الآخرين في ترسيخ اسس الكرة في الوطن العربي واسيا ، ونحن اول من شارك في تصفيات المونديال سنتي 1934 و 1938 .

  يجب ان يكون الردّ فوق المستطيل الأخضر ، لان عبور مباراة نسور قاسيون سيفتح الأبواب على مصاريعها لتألق الفدائي ، وادخال البهجة والسعادة لأبناء فلسطين ، ولمحبي فلسطين في مختلف بلاد العالم ، وخاصة في الدول العربية ، حيث ينتظر الجزائريون والسودانيون والمصريون والتوانسة ،، وغيرهم من العرب تألق هذا الفدائي .

   يجب ان يكون الردّ  فوق المستطيل الأخضر ،ونحن قادرون على ذلك ، فليرتق الكل إلى مستوى المسؤولية ، ولترفع الأيدي الى السماء مبتهلة أن يثبت الله أقدام الفدائي ، ويسدد رمي لاعبيه ، ويحقق له الفوز والظفر في جلّ المباريات !