رئيس آسيا أم العرب أم الخليج؟
عندنا مثل يقول: «ذاب الثلج وبان المرج»، وبعد أكثر من سنتين من القيل والقال، والتكتيكات، والتصريحات والتصريحات المضادة، والاصطياد في المياه النظيفة والعكرة على حد سواء، والتدخلات الأوروبية والدولية والاشتباكات الخليجية الخليجية، والحياد العربي شبه السلبي، ووجود مرشح سعودي تم وصفه بالتوافقي، لم يكن موفقا نهائيا، لا في الدخول ولا في الخروج… بعد كل هذا ذاب الثلج وبان المرج وخرج البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم متوجا على عرش آسيا، بالضربة القاضية على منافسيه: التايلاندي ماكودي، والإماراتي يوسف السركال، وذكرت التايلندي أولا لأنه نال سبعة أصوات رغم أنه مرشح (الغفلة)، بينما نال نائب الرئيس والخبير بالانتخابات الآسيوية ومن قال إنه واثق بالفوز ستة أصوات فقط، وصفها القطري الشيخ حمد بن خليفة بأنها طعنة في ظهر السركال وخيانة من كل من وعدوه بأصواتهم.
الرابح الأكبر، كان الشيخان الشقيقان أحمد وطلال الفهد اللذان وقفا علانية مع الشيخ سلمان، ونسقا تقريبا كل شيء لدرجة أن السركال قبل الانتخابات قال إنه يترشح مقابل الشيخ أحمد وليس مقابل الشيخ سلمان.. ومن سمع تصريحاتهما مباشرة عقب إعلان النتائج سيجد الكثير ليتوقف عنده، وأقلها عبارة الشيخ أحمد: «عندما أتكلم.. فاسمعوني وصدقوني، واعلموا إنني أعرف الخبايا أكثر منكم».
والأكيد أنني أهنئ صاحب الصوت الهادئ والدافئ الشيخ سلمان بن إبراهيم على الفوز الساحق، وهو أثبت أن ما قاله في مؤتمره الصحافي الوحيد والأخير أن حسابات الجميع خاطئة وأن ما نسمعه في الصحف ووسائل الإعلام لا ينطبق والوقائع التي بين يديه، ولكني اختلفت معه في اتهامه للإعلام بأنه رش على الجرح ملحا وربما وقف مع مرشح ضد آخر، لأن الإعلام ناقل للخبر أو للتصريحات وليس صانعا للحدث، كما أن الشيخ سلمان هو من غاب عن وسائل الإعلام وليس العكس…
ما قرأته لبعض الأقلام العربية في الساعات التي تلت إعلان النتيجة أشعرني كأن الشيخ سلمان سيكون رئيس الخليج في آسيا أو «ساحب البساط يم العرب»، حتى تخيلت أن لدى البعض قائمة مطالب سيسلمونه إياها مباشرة بعد إعلان النتيجة كما يفعل الرعية والشعب مع قائده أو ممثله في البرلمان أي (قائمة واسطات ومطالب)… ولهؤلاء أقول: مهلا… فهذه وصفة للفشل وليس وصفة للنجاح…
وللأمانة، فنحن كعرب لم نستفد في عهد ابن همام، بل تضرر الكثيرون، وكان الرابح الأكبر فيتنام وماليزيا وإندونيسيا وتايلاند والهند واليابان ودول الآسيان، وأستراليا التي باتت شقيقة وتحولت كوابيسها في الوصول إلى كؤوس العالم إلى أحلام بفضل ابن همام.
لهذا، أتمنى على الشيخ سلمان أن يكون رئيس كل آسيا.. آسيا التي وقفت معه وآسيا التي وقفت ضده، وأن يؤسس لمرحلة جديدة تماثل هدوءه وحنكته، وحتى صمته البعيد كل البعد عن ضجيج تصريحات الآخرين الطنانة التي تضر أكثر مما تنفع…
مبروك لآسيا ومبروك للشيخ سلمان، ولا عزاء لمن لم يعرف ماذا تعني كلمة (معركة انتخابية).