أحمد الصباح هداف العنابي في الزمن الجميل
بال جول قلم فايز نصّار
طالما خرّج الثقافي نجوما بارزين ، من أصحاب المواهب الفذه ، وخاصه في خط الهجوم ..ففي أيام الملاعب الرائعة قدم العنابي لكرتنا الفلسطينية حسن أبو شنب ، وهاشم منصور ، وأحمد عموري في السبعينات ، وقدم الماهرين ، العبكه ، وأبو شنب في الثمانينات ، دون إغفال دور المعلم محمد الصباح ، الذي اخرج من عباءته – كمدرب وقائد – الكثير من النجوم ، الذين منهم شقيقه الأصغر أحمد ، الذي عاصر جيلين من خيرة أبناء الثقافي ” . وظهر الصباح الصغير يافعاً بين خيرة نجوم الجيلين ، وكان مهاجما أساسيا طالماً أرعب المنافسين ، مستفيداً من حسه التهديفي ، وتحركاته التي تستغل المساحات ، وتساهم في خلخلة خطوط الدفاع ” . بهذه الكلمات تحدث عاشق العنابي – الصحفي محمد عراقي – عن الصباح الصغير ، الذي تنفس الكرة في بيئة كروية ، مستفيداً من دعم شقيقه الأكبر النجم المعروف محمد الصباح ، الذي بدأ مشواره الفني منتصف الثمانينات بعملية تشبيب جذرية للفريق الشمالي ، معتمداً على ثلة من النجوم الواعدين ، الذين كان أحمد فارس الرهان في خطوطهم الأمامية . وبرز أحمد الصباح في الفترة الذهبية للعنابي ، وحقق مع غزاة الشمال أفضل النتائج ، مساهماً بأهدافه الملعوبة في رفعة الثقافي ، وفوزه في عدة بطولات خلال الثمانينات والتسعينات. ولم يكن لجيل أحمد الصباح حظّ اللعب للمنتخب الوطني ، ولكنه كان ضمن المنتخب الفلسطيني ، الذي واجه تشكيلة منتخب قدماء فرنسا ، في أريحا المشهودة بعد إعلان تفاهمات أوسلو . ولم يلعب الفتى الكرمي في حياته لغير الثقافي ، ضارباً المثل الأعلى في الوفاء والانتماء .. وكانت له صولاته وجولاته في مباريات الديربي الصعب مع الفرسان السمر ، وتلك لعمري حكاية من ألف حكاية وحكاية ، أترك الأحمد الكرمي يحدثكم عن بعض فصولها في هذا اللقاء . – اسمي احمد صالح مصطفى صباح “” منمواليد طولكرم يوم 7/3 / 1967 ، ولقبي الصباح الصغير . – كغيري من اللاعبين بدأت اللعب في الحارة ، ومع الفرق الشعبية ، ثم مع فرق المدارس ، وكان من الطبيعي انّ أنضم سريعاً لفريق العنابي ، بحكم أنّ حارتي كانت بمثابة نادي ثقافي مصغر ، نظراً لوجود أقاربي من لاعبي النادي حولي ، وخاصة شقيقي الأكبر محمد . – ولم ألعب في فريق الثقافي الثاني طويلاً ، فبعد سنة فقط انتقلت للفريق الأول ، الذي لعبت له منذ سنة 1983 ، حتى اعتزالي اللعب بعد كأس الضفة سنة 1999 ، وتحديداً بعد رحلة العراق ، رغم أنّ عمري كان 32 عاما ، ولكني فضلت إنهاء مسيرتي ، وأنا في قمة عطائي الكروي ، ولإفساح المجال للجيل الجديد. – الحمد لله نشأت في عائلة رياضية مميزة ، فشقيقي الأكبر ياسر كان أحد نجوم مركز طولكرم في السبعينات ، وبعد ذلك أصبح حكماً معروفاً ، وقد لعبنا جميعاً للعنابي ، بدءا من شقيقي ومدربي محمد ” ابو اسامة” ، وابن عمي صباح صباح ، مرورا بأشقائي عثمان ، ومحمود ، وعبد الحليم ، ولكنهم لعبوا لفترات قصيرة ، وانتهاء بأسامة نجل شقيقي محمد ، وهو كابتن العنابي حاليا. – ولم ألعب خلال مسيرتي في الملاعب لغير الثقافي ، حيث برزت كمهاجم صريح ، مع لعبي أحياناً في بعض المراكز الأخرى ، مثل ظهير وجناح ، ولكن شهرتي ، وأكثر سنوات لعبي كانت كمهاجم ، حيث شكلت لفترة طويلة ثنائياً ناجحاً مع الشهيد طارق القطو ، الذي كان يفهمني جيداً ، ويعرف تحركاتي ، ويرسل لي الكرات المتقنة ، في المكان والتوقيت المناسب ، وكنا نحرز أهدافاً كثيرة جدا. – أكثر مدرب له فضل عليّ شقيقي الأكبر ، الكابتن محمد الصباح ” أبو أسامة ” ، وهو مثلي الأعلى في الملاعب ، إلى جانب النجمين عارف عوفة ، وحازم صلاح ، أمّا خارج الملعب فمثلي الأعلى شقيقي الأكبر ومدربي محمد الصباح ، مع الاعتراف بأنَ أكثر لاعب كنت أحب الوصول إلى مستواه – غير أخي محمد – مهاجم مركز طولكرم السابق يوسف حمدان ” السنو” . – أحتفظ بأجمل الذكريات من ديربي طولكرم المثير ، الذي كان يمثل لقاءاً مشهودا ، من حيث ترقب المحافظة جميعاً – المدينة ، والمخيم – وكانت المباراة حديث الساعة عند كلّ الناس قبلها بأيام ، وعندما يقترب موعدها يزداد الترقب والشغف بها ، وكان الناس في الشارع يتحدثون معي ، ويحثوني أنا وزملائي على تقديم الأفضل ، وضرورة الخروج بانتصار .. ويوم المباراة كان الملعب مليئاً بالجماهير عن آخره ، بغض النظر اين كانت تقام المباراة ؟ وهذا ما كان يزود اللاعبين بالحماس ، والدافعية الإضافية لتقديم الأفضل ، وإسعاد الجمهور … أمّا في أرض الملعب ، فكان الديربي عبارة عن معركة حقيقية ، تتميز بالرجولة ، والاحتكاك البدني ، وكان يشهد العديد من المواقف – داخل وخارج الملاعب – ويطول شرحها هنا . – أرى أنّ أفضل تشكية لنجوم الضفة أيامي تضم الحراس زياد بركات ، وعلي ابو جنيد ، وهشام يعقوب ، وفي الدفاع أسامة ابو عليا ، وجمال حدايدة ، ونزار ابو علي ، وحازم المحتسب ، واحمد عيد ، وفي الوسط خلدون فهد ، وفادي سليم ، ومهند عمر ، وعماد ناصر الدين ، ومراد واسماعيل”المكبر” ، ونائل اسعد ، وخالد ابو عياش ، وماهر بكر، وباسم وضاح ، وجمال جود الله ، ومحمد عودة ، وفي الهجوم ماهر مفارجة ، وعز القاق ، وحسن حجاج ، وفادي لافي ، ومحمود جراد”السنو” ، وابراهيم حمدان “الديسو” ، وعيسى كنعان ، وايمن صندوقة ، وعفان سويدان ، ووماهر العبكة. – أرى أنّ أفضل تشكيلة لتفاهم المركز والثقافي ايامي تضم الحارسين سامر شاهين ، وغسان سالم ، وفي الدفاع محمد سليم ، وخليل ابو ليفة ، واسامة ابو عليا ، ودرويش البري ، وفي الوسط جمال حدايدة ، ومهند عمر ، وفادي سليم ، ومحمد نايف ، وماهر العبكة ، وفي الهجوم ابراهيم حمدان”الديسو” ، وطارق القطو ، واحمد الصباح ، وسيف سالم. – أعتقد أنّ أفضل نجوم الكرة الفلسطينية القدامى من المحافظات الشمالية عارف عوفة ، وموسى الطوباسي ، وخليل بطاح ، وحاتم صلاح ، ومطيع طوقان ، ومحمد الصباح ، ومحمود عايش ، ويوسف حمدان”السنو”، وعمر موسى ، وابراهيم الاطرش ، وماهر العبكة. – شخصياً أحتفظ بأجمل الذكرياتك مع ملاعب التراب ،لأننا كنا نبذل العرق الغالي والنفيس ، ونلعب برجولة من أجل الشعار فقط ، وليس لأجل المال او الشهرة ، وكانت جميع المباريات قوية ، نظرا للقيمة الفنية للعديد من الفرق المنافسة ، وما زاد صعوبتها أنّ الملاعب سابقا كانت معظمها ترابية ، أو صخرية ، مما كان يتسبب في إصابات عديدة لنا كلاعبين ، ولكن روح العزيمة ، والاصرار ، والتحدي كانت تمكنا من اللعب والتالق ، رغم أننا كنا ننهي معظم المباريات والدم ينزف من أقدامنا ، بسبب الجهد والخشونة ، التي نتعرض لها من قبل مدافعي الفرق الاخرى. – أهم انجازاتي مع العنابي الحصول على بطولة كأس الضفة عامي 87 و99 ، ووصافة الدوري عام 87 ، وعام 97 ، ووصافة بطولة الدرع ، والحصول على العديد من ألقاب البطولات المحلية ، التي كانت تنظم ، وابرزها بطولة الشهيد ظافر المصري السنوية في نابلس ، وغيرها… أمّا على الصعيد الشخصي فأفتخر بأنني كنت هدافاً للعنابي خلال فترة التسعينات ، وتشرفت باستدعائي مع منتخب نجوم فلسطين للقاء قدامى فرنسا على ملعب اريحا عام 93 . – أول مباراة لعبتها مع الفريق الأول للعنابي كانت عام 1983 امام جمعية الشبان المسيحية على ملعب المطران ، وكان عمري يومها 16 عاما وشاركت آخر ربع ساعة ، وأفضل مباراة لعبتها كانت أمام جبل المكبر ، في ربع نهائي كأس الضفة سنة 99 على ستاد اريحا ، ويومها فزنا بهدف سجلته أنا ، وأعتز كثيرا بجميع مبارياتي أمام شباب الخليل ، حيث كنت أتألق في تلك المباريات بشكل خاص. – خلال مسيرتي في الملاعب سجلت الكثير من الأهداف ، ولكن هناك ثلاثة أهداف لها معزة خاصة عندي ، حيث سجلتها بنسخة كربونية طبق الأصل ، والطريف أنني في الحالات الثلاث سددت الكرة من منتصف الملعب ، عندما لمحت تقدم الحارس ، وأول هذه الأهداف هدفي في مرمى الحارس زاهر النمري ، في مباراة فوز الثقافي على جبل المكبر بهدف في دور الثمانية لكأس الضفة عام 99 في أريحا ، وهدفي في مرمى حارس شباب الخليل أحمد النتشة على ملعب الحسين ، وهدفي في مرمى حارس سلوان سامي ابو ذياب على ملعب البيرة الجديدة ، يوم فوز الثقافي على سلوان 3/1 ، أمّا أغلى هدف سجلته فهو الهدف الثاني للثقافي في مرمى مركز طولكرم ، وذلك سنة 1987 على ملعب طولكرم ، لأساهم في أول فوز يحققه الثقافي على المركز في الديربي الكرمي. – من أجل تطوير دوري المحترفين اقترح تشكيل رابطة للأندية المحترفة ، حتى تساعد الاتحاد في إدارة شؤون المسابقة ، وايجاد رعاة للدوري بشكل ثابت ، مع توفير مكافات مالية مجزية للفرق الفائزة ، واللاعبين المميزين ، وحلّ مشكلة الملاعب بين الاتحاد والبلديات ، من أجل توفير دخل المباريات بالكامل للأندية ، وإعادة النظر في جدول المباريات ، وعدم ضغطها بالشكل الذي يحصل سنوياً ، مما يقلل من رونق ومتعة المنافسة ، ويحد من الحضور الجماهيري ، إضافة إلى تشجيع الأندية على الاهتمام بالفئات العمرية ، واشراك مواهب شابة مع فرق الكبار ، وتقديم الدعم اللازم لها من قبل الاتحاد. -لاعبي المفضل محليا – حالياً – عدي الدباغ ، وتامر صيام ، وعربياً رياض محرز ، ومحمد صلاح ، وعالميا ميسي ، وكريستيانو رونالد ، واللاعب الذي أتوقع له التالق مدافع الثقافي الكرمي الشاب معاذ برهوش ، ابن ال 18 ربيعاً ، والذي فرض نفسه حاليا كعنصر اساسي في تشكيلة العنابي. – بالنسبة للإعلام الرياضي كان قديما يتابع المباريات من الملاعب ، ويحرص على تغطية واسعة لها في الصحف ، مع الصور ايضاً ، وكان هناك اهتمام غير عادي بنجوم الكرة المحليين ، إضافة للنقد البناء ، والجريء ، في حين الآن خف بريق تغطية الإعلام الرياضي للبطولات المحلية ، حيث نشاهد عدد محدود فقط من الإعلاميين في الملاعب ، ومعظمهم جدد ، مع غياب الجرأة لدى الكثير من الإعلاميين في انتقاد الواقع الرياضي ، وطرح الحلول المناسبة ، وهذأ مؤسف حقا. – أتمنى أن ينظم اتحاد الكرة ورشات عمل ، لتطوير الكرة المحلية ، واستمزاج آراء الأندية ، والإعلام الرياضي ، وعدم الانفراد بالقرارات ، والعمل على تطوير البطولات المحلية ، والفئات العمرية ، وتطوير قطاع الحكام. – من أطرف القصص التي حصلت معي في الملاعب ما حدث سنة 1984 ، عندما ذهبنا إلى الخليل للعب مع شباب الخليل ، في مباراة ودية احتفالية ، بمناسبة ذكرى تأسيس العميد ، وتزامن ذلك مع بداية تولي شقيقي الأكبر محمد تدريب الفريق ، إضافة لكونه لاعباً ، ويومها استبعد أبو أسامة عدداً من اللاعبين كبار السن ، وعمل على ترفيع مجموعة كبيرة من الناشئين .. وعندما دخلنا الملعب تهكم جمهور شباب الخليل علينا ، وقالوا لشقيقي محمد : “يا صباح جايب ولاد صغار يلاعبونا ، رح نغلبهم ، ورح تشوف ” ولعبنا المباراة ، وفزنا بهدف نظيف سجله المهاجم المميز المرحوم ماهر ابو شنب ، فصفق جمهور الشباب لنا طويلا بعد المباراة. – في الختام أنصح لاعبي الجيل الحالي بمزيد من العمل ، حيث يتوفر لهم كل شيء ، من رواتب ، وملاعب ، وأمور لم تكن متوفرة لنا ، وأقول لهم : اخلصوا في عملكم ، تدربوا جيداً ، وأدوا باخلاص وتعب وعرق ، اخلصوا وانتموا للفانيلة ، التي تنتمون اليها ، فالروح العالية ، والاصرار على النجاحات يجب أن يكون موجوداً دوما عندكم ، والله الموفق.