2024-03-19

بطل معركة التحدي والجائحة

2022-01-24

كتب / أسامة فلفل
ديب حسين أبن مخيم البريج رمز الشموخ وعرين الأسود وعبق النضال والتاريخ مع مخيمات الوطن والشتات، بطل فلسطيني التقطته البطولة العربية لكمال الاجسام وهو عند نقطة الصفر، فتحول إلى فدائي مضى بعزم جسور نحو كسر كل القواعد الثابتة والمعتادة وغير المعتادة، ديب حسين من قرية بيت طيما داخل فلسطين المغتصبة، تقع على مسافة 32 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة، ترتبط بكل من طريقي غزة – المجدل وكوكبا، وتقع فوق بقعة أثرية، وتضم رفات مجاهدين استشهدوا في الحروب الصليبية. وتقوم بجوارها خرائب أثرية كخربة بيت سمعان وخربة ساما، الأمر الذي يدل على أن منطقة بيت طيما كانت مأهولة بالسكن والعمران قديماً.
في غزة هاشم معجزة، تجلت فيها سرّ العزيمة التي هي في الّسحرِ الكامن في عزمه لتفتح صحائفها وعلى صدره وسام الإصرار والارادة، ينطلق من شوارع المخيم المطرزة بأسماء وصور الشهداء الخالدين، يلتقط أنفاسه ويسجل في ذاكرته أسمائهم وزمن استشهادهم.
يغرد وحيدا في منزلا متواضع في قلب المخيم الصامد، يعقد العزم على أن يعيد لملح الأرض وخصوبتها ” الشهداء” أوسمة العز والفخار ورغم كل الأسفار والترحال والمجد الذي جعله حديث الأكوان، إلا أنه مازال حالما ينسج للفجر آمالاً تساعده في كسر قضبان المحال بيدٍ حديدة وفولاذية صنعت منها الأقدار حلم الشهداء في حجم تضحياتهم وروعة بطولاتهم.
البطل ديب حسين قصة مكتملة الأركان لا يوجد للخيال فيها دور فبطلها حقيقة هو الفدائي والثائر المتمرد على الواقع، فالاستسلام واليأس عنده حالة مرفوضة ومنبوذة، وعندما شارك في أول بطولة بكمال الأجسام عام 1995م علا منصات التتويج بشموخ وكبرياء الثائر، هذه البطولة صدرته لأن يظل يسير في نفس المسير على إثر ودرب الذين أحبهم وتعاهد على أن يحفظ وصيتهم في الذاكرة والوجدان ” الشهداء ” وأن يستمر على طريق ذات الشوكة، ومضى والإصرار هو المحفز الوجداني، ليشق في الأفق نافذة و طريقا جديدا في لعبة رفع الاثقال ومصارعه الذراعين ويمثل فلسطين في بطوله العالم عام97 في الهند ويحصل على السادس على مستوى العالم ، وتفتح الأبواب المغلقة ولكن هذه المرة بمفتاح بيت جده القديم في قريته المغتصبة بيت طيما ويدخل مرة أخرى في سجال مفتوح في بطولة العالم عام 98 التي أقيمت على أرض الكنانة ويحصل على المركز السادس ،و تغرد له عصافير الوطن و تناجي البطل من على أغصان شجرة الزيتون التي زرعها هناك أجداده السالفين ، وهذه التغريدات تطرب البطل ديب حسين بأنغامها الساحرة ، فتزيده عشقا لحصد مزيد من البطولات و تسجيل الإنجازات فيمثل فلسطين في بطوله العالم عام 2002 ويحصل على المركز الثامن عالميا ويقهر نجوم و ابطال عالميا 
 ديب حسين ابن المخيم المثابر وقرية بيت طيما المغتصبة، ببساطة عنوان لشاب أراد أن يغزل من الشمس ألف خيط ضياء، فحمل على سواعده أغصان شماء تقتحم السماء ووضع أمله على كتفه ووصية الشهداء على راحتيه وعلى صدره وسام يطوف بهما المنافسات الرياضية العالمية والإقليمية، لأنه كان مؤمنا بأن بندقية الثائر حتما وإن تباعدت المسافات وطال الزمن حتما ستنتصر.
واصل مسيرته الظافرة وبتناغم مع وميض انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000 ، فشارك في أول بطوله عربيه  لمصارعة الذراعين عام2002 وحصل على المركز الأول، فكانت هذه البطولة لها واقع كبير على نفسه ، دفعته ورغم شظف العيش وقلة الإمكانيات أن يتمسك بسلاح المقاتل  رغم غابة البنادق ، ورفع من منسوب تدريباته بجهود ذاتية وبدعم من الحاضن الرئيس له المرحوم حسن العبيد وتوفيق أبو عربيان ، والدعم المعنوي من الشهيد القائد و المؤسس عبد الرؤوف العجلة ، و المستشار كامل اليازجي ، الكابتن محمد حميد، وطلال عبد الرؤف العجلة، وقد شاءت الأقدار أن أكون شاهدا في  بطوله العرب عام 2004م ،التي أقيمت برعاية الاتحاد المصري للقوة البدنية ومصارعة الذراعين في  صعيد مصر ” المنيا ” على شدة المنافسة مع أبطال وفرت لهم الإمكانيات قياسا بالبطل المثابر ديب حسين ، ويومها حصل على المركز الثاني .
نعم من رحم المعاناة يُولد الإبداع وتكتب فصول ملحمة النضال والعطاء الثوري والرياضي بأحرف من نور وتسجل أبجديات حروفه في سفر التاريخ لتظل طريق ومنهاج للأجيال القادمة.
بعزيمة أبناء فلسطين ورياضيها الذين امتشقوا البندقية والعمل الكفاحي والثوري جنبا إلى جنب مع العمل الرياضي ينطلق ديب حسين البطل الذي لا يشق له غبار بعزية وإصرار ترسم ملامح الإنجاز ويشارك في البطولة الأفروعربية عام 2005 بمصر ويحصل على المركز الثاني ومداليتين فضيتين في لعبة مصارعة الذراعين، ومن ثم يعود بطلنا المقدام ويشارك بالبطولة الأفروعربية عام 2006 ويحصل على ميداليتين ذهبيه وفضيه.
ويقول البطل ديب حسين وبكلمات مفعمة بالألم والحزن الشديد، لقد كان للانقسام أثر مؤلم، وصدمة شديدة على نفسي، حيث تحطمت أحلامي وتلاشت طموحاتها التي غزلت خيوطها ونسجت خيطانها من دمي وجهدي وعرقي على مدار عقود طويلة، ويضيف، رغم كل متاعب وتداعيات السنوات الماضية من عمر الانقسام ظل ومازال الأمل يراودني في الاستمرار، ولم أعطي لليأس، أو القنوط فرصة لنيل من عضدي، ورغم تداعيات جائحة كورونا والمخاطر المحدقة، صممت وبأراده الفارس المغوار على خوض معركة التحدي جنبا لجنب مع اللجنة الأولمبية الفلسطينية وتحت مظلتها كونها سفارة الرياضة الفلسطينية و خيمتها التي يستظل بها كل الرياضيين الفلسطينيين في الوطن و الشتات و الملاذ الامن للرياضة الفلسطينية، و المشاركة في إيصال رسالة فلسطين بعمقها و بعدها الوطني و الإنساني، وكثفت من تدريباتي ورفعت وتيرة استعدادات ، علما بانني انقطعت عن المشاركات الخارجية مدة أربعة عشر عاما بسبب تداعيات الانقسام، ظللت خلالها ممسك بيدي بندقية الفدائي الثائر حتى عام 2020، عام التحدي والعزيمة والإصرار، حيث أتيحت لي الفرصة للمشاركة في البطولة العربية بجمهورية مصر العربية للقوة البدنية ومصارعة الذراعين وبتوفيق من الله حصلت فيها على أربعة ميداليات ذهبيه في فئة الشباب فوق سن 21 وفئة الماستر فوق سن 40ليعود علم فلسطين بألوانه الزاهية يرفرف خفاقا في سماء المجد و العزة .
 ويختتم بطلنا صاحب لقب القبضة الحديدة على مستوي العالم العربي ديب حسين حديثه الممتع والمشبع بقيم الانتماء والاعتزاز بكلمة مقتضبة قائلا رسالتي لصانع النهضة ومفجر الثورة الرياضية اللواء جبريل الرجوب من الوقوف لجانب الابطال وانصافي لمواصلة المسيرة ونعاهده الاستمرار خلف قيادته الرشيدة التي اوصلتنا الى بوابة المجد والعزة.