نحو إعلام رياضي يحترم خصوصية مجتمعنا
كتبت مقالا انتقدت فيه نشر أحد المواقع الرياضية، خبرا يتعلق بمؤخرات اللاعبين في يورو 2012 ، هذا المقال كان عنوانا لنقاش مع صديق إعلامي يعمل في الموقع الذي نشر الخبر وتربطني به علاقة مميزة إلى أبعد الحدود ، كانت ثمرة النقاش فكرة اعتمرت في رأسي مفادها أنه ينبغي علي أن أجعل من هذا المقال لبنة في إطار اشمل وأوسع ، لا سيما حين انتقدني _ وهذا حقه _ بأن هناك العديد من المواقع الرياضية التي تنشر أخبارا تعتبر خروجا عن الذوق العام في مجتمعنا بالخصوص والمجتمعات العربية والإسلامية بالعموم .
ضرب مثالا بنشر خبر عن اللاعب الايطالي بالوتيلي الذي كان حديث الناس في بطولة اليورو الأخيرة في بعض المواقع الرياضية ، يتضمن صورا خارجة لا تليق برسالة الإعلام الرياضي في فلسطين ، وقد زدت عليه أنه لا علاقة أصلا لمثل هذه الأخبار بما نبتغيه كإعلاميين رياضيين من تحديد إطار تغطيتنا بما تسمح به خصوصية مجتمعنا ، فلا نتجاوز بنشر الأخبار التي نرى فيها خروجا عن أعراف هذا الشعب وأخلاقه ، وعلى سبيل المثال ممكن أن نتطرق لمهارة بالوتيلي أو مستواه في مباراة معينة ، أو قوة بنيانه الجسمي وقدرته على تخطي منافسيه ، ممكن أيضا أن نتطرق للخلفية التي أتى منها هذا اللاعب الأسمر في ظل فريق امتاز على مر العصور ببياض بشرة لاعبيه لنتكلم عن خلفية جنسيته الايطالية.
ممكن أن نتكلم أيضا عن التجنيس كأحد الأساليب التي تتبعها بعض الاتحادات الدولية لكي تضم لاعبا معينا لمنتخبها ، وكذلك يمكن الحديث عن بعض الهتافات والآراء العنصرية التي صاحبت تواجد مثل هذا اللاعب في الملاعب ، يمكن أن نشتق الكثير من المواضيع التي يمكن الحديث فيها دون حرج ، في إطار المحددات التي يسمح بها مجتمعنا .
ولكن أن ننشر خبر يمثل بكل معنى الكلمة فضيحة اجتماعية في مجتمعنا فهو أمر لا ينبغي القبول به ، وليغضب من يغضب وإن كان اقرب الناس ، ذلك أن أحد مشاكلنا الأساسية في التقليد وأن نسبة كبيرة من متابعي الرياضة هم من النشء شباب المستقبل ، الذين يأخذون من نجوم الرياضة والتمثيل والغناء قدوات لهم في كثير من تصرفاتهم ،فهم يتشبهون بهم في طريقة لبسهم ، مشيهم ، قصات شعرهم ، ونحن بنشر مثل هذه الأخبار نفتح مجالا واسعا لغزو عقول شبابنا ، نفتح بابا إغلاقه أوجب وأحكم ، لا سيما وأن مثل هؤلاء النجوم يغطون حتى الرؤوس في فضائح لا حصر لها وأخبارهم تملأ وسائل الإعلام من خيانة، شذوذ ، قمار ، خمر ، حوادث ، وإنكار بنوة …. الخ ، وحالهم في ذلك يذكرني بحال الممثلين والممثلات الذين يدافعون عن رسالتهم الفنية الهابطة بأنهم يقدمون للمجتمع رسالة فضيلة .
والمتتبع لحالهم في الحقيقة يجدهم أبعد الناس عن الفضيلة بل هم أكثر الناس غرقا في المشاكل الاجتماعية ، وفضائحهم يكاد لا يحجبها حاجب ، ألم يكن من الأجدر أن يعلموا أنفسهم الفضيلة قبل أن ينقلوها للمجتمع ؟
ينبغي أن يكون إعلامنا حريص على تحديد علاقتنا بمثل هؤلاء اللاعبين بل بالمجتمعات التي يلعبون فيها بإطار محدد بحدود الدين والأعراف والتقاليد ، فنغطي ما لا يشكل تعارضا مع مجتمعنا وخصوصيته ، ونبتعد كل البعد عن كل ما يشكل خروجا على قيم المجتمع وأعرافه ، سواء كان خبرا أو صورة أو ما شابه .
أعتقد أن على إعلامنا الرياضي أن يتقيد بحدود تفرضها خصوصية مجتمعنا المستمدة من دينه الإسلامي ومن تقاليده وأعرافه المحافظة، وأخلاقه القائمة على الاحترام والاحتشام والسترة.
همسة /
على إعلاميينا الرياضيين مد جسور التواصل والتكامل بدلا من التنافس (المذموم ) والتنافر، فكلنا شركاء في رسالة واحدة ، كأعمدة البناء في عمارة واحدة كل منها يكمل الآخر ولا غنى لواحد عن الآخر.