2024-11-11

نادي رياضي أم محكمة جزائية ؟

2021-09-24

حين قرأت خبر منع اللاعب الدولي حسام وادي من السفر بأمر النائب العام في غزة ، أُسقط في يدي ودارت في ذهني عشرات الأسئلة ، ذلك أن السفر حق طبيعي من حقوق الإنسان لا يمكن أن يحرم منه إلا بحكم قضائي ، قلت في نفسي ما الجرم الذي ارتكبته يا حسام ليتم منعك من السفر ؟ وقد رأيتك من أيام قليلة في نهائي بطولة بيبسي ولم نسمع أي خبر عن تورطك في قضية ما ، أو اتهامك في جرم ما ؟ ربما لا يعرف البعض أن المنع من السفر هو بمثابة عقوبة مثله مثل السجن وان كان أثره أخف طبعا بكثير ، حيث أن أي تقييد لأي حق من حقوق الإنسان هو بمثابة عقوبة لا يمكن توقيعها إلا بناء على مسوغ قانوني ،وقرار صادر من جهة مختصة هي القضاء في حالة المنع من السفر .

ربما لا يعلم البعض ان القرار الصادر بالمنع من السفر من قبل النائب العام في غزة محل اختلاف قانوني وفقهي حول مدى توافقه مع القانون الفلسطيني بشقيه الموضوعي والإجرائي . وحتى على فرض جواز ذلك فان المنع من السفر لا يكون إلا بناء على مسوغ قانوني يرى في منع شخص من السفر ضرورة من ضرورات إحقاق الحق وإقامة العدل وإعادة الحقوق لأصحابها ، فلا يكون الأمر خاليا من الأسباب والمسوغات . والسؤال الذي أوجهه للنيابة العامة لماذا تم وضع اسم حسام وادي على قوائم المنع من السفر ؟ وما هي آليات وإجراءات المنع من السفر ؟ وهل يحق لأي نادي أن يطلب من النيابة العامة منع لاعبيه من السفر دون أي جرم ارتكبوه ؟

لا أدري ما هو المسوغ القانوني الذي منع على أساسه حسام وادي من السفر ؟ وكيف يمكن لإدارة نادي أن تتدخل هذا التدخل الصارخ لتمنع لاعبيها من السفر حتى وان كان المبرر حماية حقوقها في لاعبيها بمنعهم من الانتقال للمحافظات الشمالية والاحتراف هناك دون إذن منها ، فهذا ليس مسوغا قانونيا يعطي جهة الاختصاص حق إصدار قرار منع السفر للاعبين .

كل المشاكل والخلافات التي تقع في ميدان الرياضة لها مؤسسات مختصة ( الاتحادات واللجان الرياضية وحتى المحاكم الرياضية ) تضع من القواعد والآليات ما هو كفيل بإعطاء كل ذي حق حقه من لاعبين وأندية ، وحل كافة المشاكل العالقة بين مختلف الأطراف .

اعتقد أن إدارة النادي الحريصة على حماية لاعبيها والحفاظ عليهم كان عليها أن تنتهج أسلوبا قائما على الحب والانتماء والثقة لا أن تستخدم مثل هذه الأساليب البوليسية التي لن تؤدي إلا تصدع جدران الثقة والطمأنينة ، فكيف للاعب أن يتألق وفكره مشغول بما قد تكون الإدارة حاكته دون علمه لمنعه من السفر أو الوقوف في وجه حق من حقوقه الطبيعية !! وان كان مبرر الإدارة في ذلك هو الحفاظ على لاعبيها ، فاني اسأل كيف يمكن للاعب أن يقدم ما لديه من إبداع وموهبة وهو لا يشعر بالأمان في بيته ولا بالثقة مع ناديه ؟

على إدارة النادي أن تحصن أبنائها ولاعبيها بالحب والانتماء والثقة وأن تشيع في صدورهم الأمان وهم يدافعون عن ألوان ناديهم بدلا من زرع بذور الخوف والشك والتدخلات غير القانونية في حقوقهم الشخصية والطبيعية .

في واقعة هروب إبراهيم وادي انتقدت سلوك اللاعب بمقالي المعنون بعنوان (بئس الملعوب مؤامرة الهروب) وهو منشور على الانترنت لمن أحب أن يطالعه ، فقد رأيت أن سلوكه كان خطأ كبيرا وفي المقال كفاية ، ولكن أن نعالج خطأ اللاعب بخطأ أفدح وأفظع فهذا أيضا لا يمكن السكوت عنه ، لا سيما وأن خطأ الإدارة أكبر بكثير من خطأ اللاعب مهما كان .

وفي المقابل فإن إقحام أشقاء حسام في الخلاف مع النادي حول مسألة السفر أمر مرفوض ، وبالتالي فان القول بإعلانهم العصيان سلوك غير رياضي فالخلاف والمشكلة هي بين حسام وإدارة ناديه ، وعليه أرجو من أشقائه تحييد أنفسهم عن هذا الخلاف والالتزام بمواعيد تمارين فريقهم ، طالما هم ليسوا أطرافا أصليين فيها .

همسة من كواليس عقلي /

أرجو من جميع الأندية أن تقصر علاقتها مع لاعبيها على ممارسة الرياضة ، فلا يتدخلون لتوظيفهم هنا أو هناك.

النادي ليس مؤسسة رسمية تملك حق التوظيف والتعيين ، لا سيما ونحن نعاني بطالة عشرات آلاف الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل ، ومئات الاف العمال والفقراء وهم أجدر بالوظائف الرسمية ممن يمارسون هوايتهم .

يمكن للأندية أن تقدم للاعبيها ما تستطيع أو ما تريد من مصادر دخلها الذاتية فقط لا أن تعتمد على شاغر وظيفي رسمي يمكن أن يستفيد منه من هو أحق بذلك ، وأنا أعلنها بكل صراحة أنا ضد سياسة العمل على توظيف اللاعبين في المؤسسات الرسمية