ضربة البداية جبريل الرجوب
من السهل أن تكتب مقالاً عابراً لمرة أو مرتين لتصف أمراً أو حدثاً عابراً أو تنتقد موقفاً معيناً إلا أن العودة من جديد لممارسة هذا الأمر بعد سنوات انقطاع أجبرتنا عليها الظروف المحيطة وعدم القناعة الشخصية بما يدور على الساحة الرياضية وخاصة في قطاع غزة والرغبة في الحفاظ على الشخصية المستقلة التي رسمتها لنفسي ولقلمي منذ بدأت ممارسة هذه الهواية قبل أكثر من ربع قرن من الزمان فلست من هواة الاستعراض أو العودة للواجهة من جديد لسبب أو لآخر فالوضع الرياضي الفلسطيني وأخص هنا في غزة بات لا يحتمل السكوت كثيراً عليه ، وبالعودة إلى عنوان المقال الملفت بالتأكيد للنظر فقد فكرت ملياً فيه وقررت اخذ دوري كرياضي وإعلامي للتطرق إليه ولومتاخراً لأنه أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي و لان الواجب الوطني والأخلاقي فرض هذا الأمر في نفسي كرياضي فلسطيني غيور محب لوطنه وللرياضة متمنياً أن تكون دائماً في المقدمة ، أعي جيداً وأعرف بل أنني متيقن تماماً أن كلماتي هذه ستحظى بقبول و تأييد كل من يفكر بالعقل و المنطق في المقابل سأحظى بكلمات انتقاد شديدة ولوم من كل من يفكر بقلبه وعاطفته خاصة هنا في القطاع. فحقيقة لا أعرف من أين سأبدأ في حق هذا الرجل الذي لم التقيه في حياتي ولم أسعى إلى ذلك بهدف الحصول على مكاسب أو امتيازات كما سعى ولا زال يسعى إليها العديد من الدخلاء علي الوسط الرياضي ، لقد عايشت انطلاق الأنشطة الرياضية منذ عودة السلطة الوطنية الفلسطينية بقائدها الرمز ياسر عرفات منذ بدايات عام 1994م موظفاً في وزارة الشباب و الرياضة وحكماً لكرة القدم وإعلامياً من أوائل المؤسسين لاتحاد الإعلام الرياضي ولهذا الموقع المتميز الذي أعود إليكم من خلاله لنستعيد ذاكرة الكتابة من اجل النقد البناء .
اثنا عشر سنة في عهد السلطة الوطنية تلاهما ستة سنوات عجاف من الانقسام البغيض والحصار الظالم و غزة الحزينة تبرح مكانها بنية تحتية خجولة لم تصل إلى حد المقبول و أندية متسولة تعيش تحت خط الفقر وكادر رياضي فقد الطموح وحب العمل والنشاط في ظل تمترس أشخاص خلف المراكز القيادية في الاتحادات هدفهم منع الطريق وبكل الوسائل أمام الكادر المهني صاحب التاريخ العريق للوصول إلى حيث المكان الصحيح خوفاً على اهتزاز أماكنهم وحباً في البقاء في الواجهة والتنقل بين شقي الوطن ورئاسة البعثات أما اللجان العاملة فحدث ولا حرج ثابتة في اماكنها لاتتحرك ولا تتغير لانهم اصبحوا اصحاب خبرة طويلة لا يمكن الاستغناء عنهم في ظل ابتعاد الاخرين عن الساحة وباتوا لا يستطيعون مواكبة التطور في القوانين واللوائح حسب ما قيل علي لسان بعض اعضاء الاتحا واللجان يعني بالعربي البيت بيتنا للممات واللي مش عاجبه يدور علي حاله بحثاً عن تحقيق أهداف شخصية حتى ولو كانت بسيطة على حساب تطور و تقدم وخدمة الرياضة الفلسطينية باختصار شديد غزة فشلت في استثمارا لأموال التي وصلت إليها في زمن السلطة في بناء وتأسيس لبنية تحتية قوية علي صعيد المنشات والكادر البشري وهي كانت ولازالت تستحقها ويستحقها الكادر الرياضي والإداري الذي طالما تغنى به اللواء الرجوب فقد استحوذ القطاع على نصيب الأسد من الدعم المادي والتواجد الخارجي في تلك الفترة والنتيجة اليوم صفر حتى المقر الرئيسي للإتحاد و الملعب و الفندق الذي تم دعمه من مشروع الهدف ثم بنائه في أقصى شمال قطاع غزة وبالقرب من الحدود في خطوة هي الأسوأ بالنسبة للقطاع، ولم يقدم هذا العمل أي خدمة للرياضة الغزية واذهبوا بأنفسكم الآن لتتعرفوا على مصير هذا المقر وتتحققوا من هذه المعلومة كما لا انسي المطالبة بفتح هذا الملف فوراً والبحث في طريقة للاستفادة من هذا المشروع الضخم، المسئولون المباشرون عن الرياضة في القطاع وبعد اثنا عشر عاماً من وجود السلطة على أراضي القطاع لم يقدموا للحركة الرياضية ما يشفع لهم اليوم لأنهم استهانوا بالأمر وتم تغليب العاطفة على العقل في تدبير هذه الأمور، زملائي و أصدقائي وهم كثر في المحافظات الشمالية لطالما انتقدوا سيطرة غزة وهيمنتها على كل شيء وإحساسهم وشعورهم بالظلم في العديد من القضايا والتي لا يتسع مقالي هذا لسردها من حيث الدورات والمشاركات الخارجية ، والدعم المالي والتمثيل الدولي سواء في المنتخبات أو الحكام أو الإداريين وغيرها هذا الشعور انتاب لاعبي ورياضيي غزة بعد تسلم اللواء الرجوب لدفة الأمور وكنت وبكل صراحة قد تحدثت في هدا الأمر خلال اجتماع لعمومية الاتحاد في غزة .عقب الانتخابات التي توجت الرجوب رئيساً للإتحاد في المرة الأولى وقلت بالحرف الواحد بعد الانتقادات التي وجهها المدربون والرياضيون حول هيمنة الاتحاد في الضفة على مجريات الأمور أن إحساسكم هذا سيطر على رياضيي المحافظات الشمالية لأكثر من اثنا عشر عاماً ، وواجهت حينها عاصفة من الانتقادات القوية. لم أذكر كل ما ذكرت قرائي الأعزاء إلا لأضعكم في مقارنة بسيطة بين ما تم إنجازه في غزة في زمن السلطة
( اثنا عشر عاما) وبين ما تحقق في المحافظات الشمالية خلال أربع سنوات فقط قاد العمل فيها ا للواء الرجوب ، المحافظات الشمالية التي لم أتمكن من الوصول إليها خلال السنوات العشر الأخيرة وحرمت من التواصل واللقاء وعن زيارة الأهل و الأصدقاء والتي أتشرف بامتلاك قاعدة معارف قوية فيها وفي كل مدنها و قراها باتت اليوم مسرحاً مشرفاً للرياضة الفلسطينية ملاعب خضراء مضاءة مدرجات وغرف للفرق والحكام علي اعلي مستوي ، صالات استقبال لكبار الضيوف على أعلى المواصفات ، دوري محترفين فشلت في تحقيقه دول عريقة مثل مصر وغيرها حتى اليوم، نعم نجاح غير عادي في الشق الثاني من الوطن ، ملعب بيتي كان حلماً صعب المنال حتى التفكير فيه كان صعباً ها هو اليوم بات حقيقة ، مباريات دولية على الأجندة الدولية للاتحاد الدولي ، منتجات عربية وصديقة تخترق الحدود لأول مرة لتلعب وتصلي في القدس أرض الإسراء و المعراج أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، منتدى الإعلاميين والذي سمح لمشاركة العشرات من إعلاميي العالم ليتجولوا في فلسطين ولينقلوا الصورة الحقيقية عن معاناة شعبنا ونبل و أهمية قضيته التخطيط الرياضي وضع الخطط و البرامج ، انتظام المسابقات والبطولات ، تطبيق اللوائح و القوانين و الضرب بيد من حديد على كل عابث أو مسيء للحركة الرياضية هيكلة المؤسسة الرياضية لإتحاد كرة القدم و اللجنة الأولمبية ، الإصرار على إجراء انتخابات متزامنة في شقي الوطن وتوفير الأجواء الديمقراطية اللازمة لذلك، تعرية وكشف الممارسات الإسرائيلية من خلال شبكة العلاقات القوية التي أسس لها عربياً ودولياً ، كل ذلك أدي إلى أن فلسطين الدولة والكيان بات له إسم مدوي دولياً ولم يقتصر الأمر عربياً .
السيد بدر الدين الإدريسي رئيس لجنة الإعلام بالمملكة المغربية الشقيقة كنت قد التقيته في زيارة خاصة للمغرب العام الماضي وبوجود عدد من الإعلاميين المغاربة والذين كان لهم شرف الوصول إلى رام الله للمشاركة في منتدى الإعلاميين العام الماضي قال ما رأيته في فلسطين لا يمكن وصفه في كلمات لقد حقق لنا الرجوب حلمنا بالوصول إلى فلسطين والصلاة في المسجد الأقصى ومتابعة كل ما هو جديد على الساحة الفلسطينية مؤكداً أن ما رآه في رام الله وفي الضفة الغربية لم يراه في بلاد مستقلة تملك ميزانيات وظروف أفضل واقوي من إمكانيات وظروف الفلسطينيين.
محمد جميل عبد القادر رئيس الإتحاد العربي للصحافة الرياضية وخلال لقاء مميز مع الإعلامي الفلسطيني الأصل أحمد شوبير قلل من الخوف والرهبة التي تنتاب الإعلاميين والرياضيين المصريين وناشدهم بكسر حاجز الخوف والعمل على الوصول إلى غزة ورام الله في ظل وجود قيادة رياضية واعية بقيادة الرجوب وأشاد بالانجازات التي وصفها بغير المسبوقة والتي وضعت فلسطين بقوة على الخارطتين الإقليمية والدولية .
وأخيراً فلا أعتقد أنني استطعت كتابة كل شيء عن انجازات اللواء جبريل الرجوب وما قدمه للرياضة الفلسطينية خلال الأعوام القليلة الماضية لكنني أكون بذلك قد استطعت في توجيه رسالة شكر وإشادة بما قدمه من إنجازات ملموسة لكرة القدم الفلسطينية شهد له بها الغريب قبل القريب طالباً منه المزيد وخاصة هنا في القطاع المحاصر والذي ينتظر الكثير الكثير من الأخ أبو رامي من الدعم والمساندة المستحقة له.
الإشادة بالرجوب لا تعني عدم وجود سلبيات فهناك بالتأكيد أخطاء وانتقادات ما كانت لتكون لولا وجود عمل وعمل كبير أعدكم إنني سأتناولها مستقبلاً وبكل حيادية لأن هذا القلم حر خالص لا نريد من وراء ذلك إلا رضي الله العلي القدير وخدمة الكرة الفلسطينية والوصول بها إلي أعلي المراكز وهذا حق مشروع.
أثق جيداً في قدرات رئيس الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم ورغبته في إعادة غزة إلي الواجهة من جديد ووضحت هذه الرؤية ومن خلال أعضاء الإتحاد في غزة والذين عادوا من أول اجتماع لهم مع أبو رامي متفائلين سعداء مؤكدين أن مرحلة التغيير والتجديد و البناء و التطوير ستبدأ في غزة قريباً و وعودات أطلقها اللواء جبريل الرجوب وبالفعل كانت البداية المبشرة بالخير باختيار الزميل والإعلامي المتألق دائما محمد العمصي لمنصب نائب الأمين العام للإتحاد اختيار كان بالفعل مفاجئاً لكل الوسط الرياضي الغزي إلا أنه من وجهة نظري اختيار موفق جداً لأن الزميل محمد يمتلك إمكانيات كبيرة تؤهله للنجاح والتفوق وسينعكس ذلك بلا شك إيجاباً علي الكرة الغزية ، كما أن الزيارة المفاجئة التي قام بها أبوارمي لبعثة نادي خدمات البريج خلال معسكرهم بالقاهرة والدعم المادي الذي قدمه لهم ومشاركتهم الحديث في هموم واحتياجات الرياضة الغزية كلها بوادر بلا شك إيجابية يستحق معها أبو رامي كل احترام وتقدير في انتظار البدء في تنفيذ ما تم الوعد به لان غزة تستحق منك الكثير ، سر على بركة الله وكل محبي الرياضة الفلسطينية من خلفك سائرون .
وقبل أن أختم أود التأكيد علي أن الثناء وتسليط الضوء علي مكامن الكمال في النفس البشرية والإشادة بها هو منهج نبوي كريم يراد منه بعث النفس البشرية علي الزيادة وإثارة النفوس الاخري نحو الإبداع والمنافسة وهو مشروط أن يكون حقاً وان يؤمن جانب الممدوح وان يكون بالقدر الذي يحقق الهدف.
إن كثيراً من القدرات وكثيرا من أصحاب الكفاءات يصابون بالضمور بل ربما يموتون وتموت مواهبهم وقدراتهم لأنهم لا يجدون من يدفعهم بكلمة ثناء أو يرفعهم بعبارة تشجيع ، وإننا حين نثني علي أصحاب القدرات لسنا نحفظ ونضمن جهد المجتهد منهم فحسب بل إننا نحرك نفوساً ربما لايحركها أسلوب آخر اياً كان نوعه.
هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا فليس لي عنهم معدل وإن عدلوا
والله إن فتنوا في حبهم كبدي باق علي حبهم راض بما فعلوا
وقال رسول الله صلي الله علي وسلم( من بني بنياناً من غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرساً في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجر جار ما أنتفع به من خلق الله تبارك وتعالي).
صدق رسول الله صلي الله علي وسلم