2024-11-24

تعاطفاً مع الحكام ..

2015-03-16

يعتبر الحكم هو سيد الملعب والمسؤول الأول عن خروج المباراة التي يديرها إلى بر الأمان , و علينا ان نثق في حكمه وقراراته واحترامه لانه القاضي ولا بد لهذا القاضي أن يكون ذو هيبة واحترام .

ويعد الحكم ايضا بمثابة العمود الفقري لانجاح اي منافسة رياضية وهو اهم عنصر فيها, وهو يقوم بدوره في اطار قانون خاص يحقق أهداف اللعبة في الإثارة والمتعة, والحكم بين كل هذا هو عنصر محايد يسعى بكل جهده للنجاح في مهمته, وأنا – شخصيا – على ثقة تامة بأن الجميع يعلم يقينا بأن حكم المباراة يسعى ومن ضمن أولوياته الوصول لقمة النجاح مثله مثل اي شخص منا دوما يسعى للتفوق والنجاح في موقعه.

والتحكيم في حد ذاته ليس بالمهمة السهلة كما يتصور البعض , فالحكم كما اسلفنا قاضي فوري ويصدر قراراته وأحكامه بعد الحدث مباشرة دون أي مشورة باستثناء معاونة مساعديه في بعض الاحيان.

والجميع يعلم أن الحكم يصدر قراراته وسط ملعب ممتلىء بالجماهير التي تمثل فئات مختلفة من المجتمع, وكل قرار يصدره يجد معارضة هنا أو هناك حتى أصبح الاعتراض هواية يمارسها الكثير حتى لو القرار صحيحا وواضحا لطفل صغير.

أنا هنا لا اسلب الجمهور حق الاعتراض فمن حقه التعبير عن غضبه أو اعتراضه على أحد القرارات الصادرة من الحكم ولكن ان يكون هذا الاعتراض لا يشكل اي مخالفة يعاقب عليها القانون.

نجد الاعتراضات من قبل الجماهير تأخذ شكلا آخر الا وهو الشغب, وقد يصل لشتم الحكم بشرفه وبأفظع الألفاظ التي يعاقب عليها الشرع و القانون, وهذا بطبيعة الحال وباجماع جميع الأطراف مرفوض بتاتا مهما كان حجم الخطا الذي وقع به الحكم ,لانه لا يمت بالروح الرياضية أي صلة.

الأمر لا يتوقف فقط عند احتجاجات الجماهير ولكن أيضا يصل للاعبين داخل الملعب فكل قرار يصدره الحكم ضد لاعب ما نجده يذهب مباشرة للحكم للاعتراض او حتى التشويح من بعيد, وهذا يؤثر على الجماهير التي تجد مباريات كرة القدم فرصة للترفيه والابتعاد عن ضغوط الحياة الاقتصادية والإجتماعية.

كل هذا يمكننا قبوله كون الجماهير تعشق فريقها أو بعضها يكون جاهلا وبعض اللاعبين مشحونون وطالما ذلك لم يخرج في حدود المألوف ولكن الغريب ان هذه الظاهرة قد تشفت في إدارات الأندية نفسها والتي لا تجد حرجا في الدخول لهذه المتاهة دون تحمل مسئولياتها كأحد عناصر المنظومة الهامة التي من المفترض ان تحكم لغة العقل لا الصوت في تصريحاتها واحتجاجاتها.

ولكن للأسف على ارض الواقع بعض ادارات الأندية أو المدربين يعينوا اللاعبين وجماهيرهم في السير على نهج الإعتراضات حتى اصبح الأمر مهنة أو حتى عادة لا بد منها في كل لقاء.

ورغم كل ذلك الحكم يدرك تماما انه سيتعرض لوابل من الاعتراضات قبل نزوله الملعب إلا انه يكون سعيدا بدوره الذي يؤديه مثل أي شخص يحب عمله.

نعم الحكم يخطىء لأنه بشر ومن منا لا يخطىء فهو فرد عادي كغيره من أفراد المجتمع يعايش الناس وضغوطات الحياة وتأثيراتها النفسية ولكن أن نتهم الحكام في ذمتهم وتعمدهم الأخطاء لطرف على حساب آخر فهذا غير مقبول بتاتا.

انا اعترف ان هناك أخطاء كارثية قد تقلب نتيجة المباراة رأسا على عقب ولكن على الجميع ان يعيي تماما أن المدربين في معظم الأوقات يقعون في أخطاء أكثر من كارثية, فمن يحاسب المدرب ان أخطأ في وضع تشكيل او حتى قراءة ملعب ؟ ومن يحاسب اللاعب الذي اهدر فرصة لا تضيع من ناشىء؟ ومن يحاسب حارس مرمى دخل مرماه هدفا سهلا؟ ومن يحاسب الجمهور عندما يشتم أو يخطىء ؟

اذن قبل ان تحاسب الآخرين يجب ان تحاسب نفسك وتعالج أخطاءك افضل مما تبررها وتضعها على شماعة الحكم الذي تعتبره أضعف عناصر اللعبة بالنسبة إليك.

الجميع أغلبنا يتابع المباريات العالمية والدوريات الأوروبية, والكل يرى مدى فداحة الأخطاء التي يقع بها أفضل الحكام العالميين الذين يتقاضون رواتب خيالية , فمنتخب فرنسا قد تأهل لمونديال العالم على حساب المنتخب الإيرلندي بلمسة يد واضحة.

كما أن لقاء تشيلسي الأنجليزي و برشلونة الاسباني في لقاء نصف نهائي دوري ابطال أوروبا شهدت أخطاء تحكيمية فادحة اهلت فريق على حساب الآخر في بطولة مجموع جوائزها تعدت العشرة ملايين يورو ولكننا لم نشاهد اي شغب او اعتراضات خارجة بل على العكس تماما شاهدنا تصفيق حار من جمهور الفريقين وتبادل التحيات بين اللاعبين, والخاسر هنأ الفائز , فهل نتعلم ولو الحد الأدنى من احترام الذات؟

انا في مقالي هذا لا ابرر اخطاء التحكيم فخطأ الحكام موجود وواضح للعيان وبعضها اخطاء جوهرية وكارثية أثرت على بعض النتائج النهائية للمباراة, وأعلم ايضا ان هناك فرق تعرضت لظلم فادح ولكن في المقابل نفس تلك الفرق قد استفادت وستستفيد من أخطاء الحكام في المباريات.

هناك لجنة فنية خاصة تابعة للإتحاد مهمتها مراقبة اداء الحكام باستمرار وترصد أخطائهم سواء المؤثرة أو الغير مؤثرة وترفع تقاريرها للجهات المختصة لمعاقبة المخطىء حسب حجم أخطائه وكذلك يحاط الحكام بالمراقبين وأقلام النقاد.

وهنا علينا ان نهمس بآذان اللجان المختصة باختيار الحكام عليكم التريث باختيارات الحكم في بعض المباريات وعليكم ايضا وضع الحكم المناسب في المباراة المناسبة له وبعد دراسة شاملة لوضع الفريقين المتنافسين ومبارياتهم اللاحقة وللابتعاد عن اي شبهات, بالإضافة إلى اقامة محاضرات بصفة دورية للحكام وشرج ومعالجة لأخطائهم السابقة ومناقشتهم بالمشاكل التي يواجهونها.

وعلى الحكم دوما اذا ما اراد النجاح والسعي نحو الأفضل ولتفادي الوقوع بأخطاء متكررة عليه أيضا ان يطور من أداءه الفني وزيادة لياقته البدينة والتعلم من أخطاءه , ويتعلم كيف يتعامل مع المواقف المختلفة في اللقاء بحنكة وذكاء.

ودمتم في رعاية الله وحفظه…