2024-11-25

هتافات عنصرية

2015-03-30

ليس المهم أن تكون قلة أو كثرة هي من تتلفظ بألفاظ عنصرية في الملاعب أو خارجها، بل المهم هو وجود هذه الظاهرة وضرورة محاربتها قبل أن تستفحل وتتحول لوباء ومرض يصعب شفاؤه..

والأهم هو عدم إنكار وجود الظاهرة من الأساس، لأن علاجها لن يتم بمجرد نكران وجودها بل بالاعتراف بهذا الوجود ووضع الحلول الجذرية له والسبب بسيط… وبسيط جدا…

فعندما تتم هذه الهتافات بسبب اللون أو تاريخ هذا اللاعب أو ذاك والعودة لجذوره، فيجب الانتباه إلى أن كل الأندية (العربية وليس السعودية وحدها) فيها لاعبون من كل الخلفيات التي يمكن أن تتلفظ جماهيرنا ضدها، وفي عصر الاحتراف فإن انتقال اللاعبين أمر وارد وبكل سهولة، ورأينا مثلا أيقونة النصر سعد الحراثي ينتقل للهلال، وأيقونة الاتحاد محمد نور ينتقل للنصر، وأيقونة الأهلي مالك معاذ يلعب في النصر، ونجوم آخرون انتقلوا ويمكن أن ينتقلوا.

فإن شتمناهم اليوم وهم في أنديتهم وغدا سيلعبون عندنا ألا نفكر للحظة في أن هؤلاء يحملون في قلوبهم (ضغينة أو حقدا أو عتبا أو غضبا) على العبارات التي قيلت بحقهم سابقا؟.

أين تعاليم ديننا الحنيف وأنه لا فرق بين عربي وأعجمي سوى بالتقوى، ولماذا نقول عن هذا اللاعب (نيجيري) بسبب لونه أو جذوره، وماذا سنقول عنه لاحقا إن شرفنا وهو يرتدي قميص منتخبنا الوطني ويرفع رأس بلاده، ولماذا نعود كثيرا للوراء لنعرف أصل وفصل اللاعب إن كان رئيس فرنسا السابق ساركوزي أصله مجري، وأفضل لاعبي ألمانيا إما أتراك أو من بولندا، وحتى غانا ومن يرأس أميركا نفسها من أصول أفريقية؟.

ولماذا لا نركز على مدى انتماء الشخص لوطنه الذي يحمل ألوانه في قلبه وعقله ويفديه بدمه بدلا من التلفظ بما يجرح المشاعر والكرامة، وأنا شخصيا مع سوق أي شخص يتلفظ بألفاظ عنصرية إلى المحاكم المدنية ليلقى عقابه الرادع ويكون عبرة لغيره، لأن القصة أخطر مما تبدو في ظاهرها (مجرد هتافات في ملعب)، بل هي تدخل في كثير من الزوايا الكارثية، والقصة – أعيد وأكرر – ليست حكرا على دولة عربية دون غيرها.

ففي العراق هتافات عربية – كردية وهناك بذور وجذور طائفية، وفي الأردن هناك مشاكل لا يمكن إخفاؤها نهائيا، وفي مصر ولبنان هناك هتافات وممارسات لا يمكن السكوت عنها، وحتى عندما ننعت لاعبا يحمل قميص وطنه بأنه (من دون)، فهل فكرنا ماذا يمكن لهذا الهتاف أن يفعل في نفس وعقل وقلب اللاعب الذي يحمل الوطن وقميص الوطن في نفسه وعقله وقلبه؟.

العنصرية هي أخطر ما يهدد الوحدة الوطنية لأي دولة في العالم، والفيفا والعالم والأنظمة والقوانين الدولية متشددة جدا مع كل من تسول له نفسه أن ينال من الآخرين من هذه الزاوية الضيقة، وأتمنى أن نعي هذه المسألة جيدا ونقف ضدها ونحاربها ونحاسب كل من يفكر في السير في دروبها.