مطر: الحكام نجحوا بامتياز في قيادة الدوري ..
بال جول – كتب أحمد سلامة:
“إن المصطلح المتداول بشأن حكام مباريات كرة القدم أنهم قضاة الملاعب، يعطي إشارة واضحة إلى علو مكانتهم وسمو رسالتهم، فهل هم فعلاً قضاة؟
في العادة لا يظهر القاضي إلا عند رفع قضية إليه للحُكم فيها، وهذا يحدث كثيراً في الملعب، والأسباب والحوادث التي تستدعي ذلك لا تتوقف، فالاعتداءات متعددة، وكثير منها متعمدة ومؤذية، ومخالفات أخرى تبدو غير مقصودة، لكنها مؤثرة، وسرقات باليد واختلاسات في المسافات وتسللات خلف الحدود، تجاوزات لفظية وإيحاءات وتعبيرات غير أخلاقية، وتقمص حالات وتمثيل حركات، وإجمالاً، كلها ممارسات خارج القانون، قصداً أو إهمالاً، تؤدي إلى تحقيق مكاسب غير مستحقة وتسلب حقوق الأبرياء، ولو تركنا الملعب دون قاضٍ لغابت العدالة وانتشر الظلم.
فالقاضي لا يحكم إلا وفقاً لقانون، ورغم وضوح قانون اللعبة، إلا أنه لا يخلو من مساحات رمادية وتقديرات، ويتشابه نسبياً مع قانون المرور الذي لا يخلو أيضاً من احتكاكات أو اعتقادات، لهذا، أعتقد أن حكم كرة القدم هو أيضاً رجل مرور قبل أن يكون قاضياً، وإذا التزم الجميع داخل وخارج الملعب، سيراقب ويتابع ولا يتدخل، والحركة تكون انسيابية جميلة وممتعة، خالية من الخلافات والمخالفات والمخلفات، وخاصة الأخلاقية، ويكون الملعب فعلاً للعب النظيف”
و”حكام كرة القدم لدينا مأكولون مذمومون، والأمور كانت تزداد سوءاً بالسب والسخرية وتأخير مستحقاتهم، ولكن أحوالهم تحسنت العام الماضي وهذا العام بحمايتهم ممن تعودوا تدمير نفسياتهم بألفاظ ما أنزل الله بها من سلطان، وذلك بفرض غرامات رادعة، وكذلك وجود راع لهم”.
هذا منح الحكم حماية خاصة جعلته يتقدم على الصعيد البدني والفني واتخاذ القرارات بجرأة وفي أجزاء بسيطة من الثانية.. ولأن حكامنا هذا الموسم رسموا خارطة جديدة لمستقبل التحكيم الفلسطيني فإن اختيار الحكم الشاب “سامح القصاص” كأفضل حكم ساحة، وزميله “حسام الحرازين” كأفضل حكم مساعد في مسابقة الدوري هذا العام كان واجباً على “أيام الملاعب” أن تلتقي الاثنان ومن قبلهم رئيس لجنة الحكام المركزية “إسماعيل مطر” عبر الحلقة الثالثة من (نبض الدوري)..
مسئولية كبيرة..
يقول “إسماعيل مطر” رئيس لجنة الحكام المركزية في فلسطين أن التحديات الكبيرة التي واجهت التحكيم في فلسطين لا تبدو سهلة كما يتوقع البعض، خاصة وأنها المهنة الوحيدة التطوعية والمبخوسة الثمن في عالم الاحتراف، حيث تعمل اللجنة في ظروف معقدة للغاية وبدون أدنى المقومات اللازمة للتطوير، وهذا ما أثر على عملها كثيراً، مؤكداً أنه بالرغم من هذه الظروف الصعبة إلا أن الحكم أثبت جدارته وقدرته على إثبات ذاته وقدراته خلال البطولات المحلية، رغم الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها قبل وأثناء وبعد المباريات..
وأضاف مطر “مسؤولية الحكم لا تنحصر في الملعب فقط؟ فالمسؤولية حول الملعب كله، وعلينا أن نساعده لأداء مهمته، فالجميع متجمعون حوله، وتصرفهم دائماً ضده، إشارات وكلمات وهمزات ، وبدلاً من أن يكون المرمى هدفهم، يكون الحكم هو الهدف، ليس خلال المباراة فحسب، ولكن حتى بعدها، وأحياناً قبلها، ومع النهاية، هناك إما مصافحة ومصالحة ودية، أو محاضرة ومرافعة قانونية، وفي الموجز، تحكيم وتقييم وترجيح وتقرير أحداث وأهداف وبطاقات، وكلها أمانات، بعيدة عن ذهن المشاهد والمتابع واللاعب.
ضغط شديد..
وتابع مطر: “مطلوب من الحكام العدالة، وهم أول المظلومين، وربما لا يوجد مظلومون غيرهم في لعبة كرة القدم، الضغط شديد ومتنوع ومتزايد ومصطنع في أحيان كثيرة، ومن كل الاتجاهات على طاقم الحكام، الساحة ومساعديه للخطوط، وهو لا شك ضغط غير متوازن وغير طبيعي، وله تأثيرات سلبية ذهنياً ونفسياً، وقد يكون بدنياً، وبالتالي يكون له نتائج عكسية على القرارات وعلى سير المباريات، لأنه مطلوب من الحكام القرار الصحيح في أقل من ثانية، مع مواصلة حركة اللعب، وتجاهل الضغوط داخل الملعب وخارجه، مطلوب قرارات صحيحة من الدقيقة الأولى للأخيرة، بغض النظر عن نوع المباراة، رسمية أو ودية، محلية أو دولية، تمهيدية أو نهائية، مفصلية أو تحصيلية.
وتساءل مطر: “لماذا نتعامل مع الحكم بعنف، وهو يستحق العطف؟ ولماذا هو الحلقة الأضعف في الاحتراف؟ لا شك أنه مظلوم، ولا بد أن يكون على رأس هرم كرة القدم، وأن تكون له سلطة إدارية وقانونية مستقلة، وموازنة مالية مستمرة وقوية، وعقلية قيادية فنية واحترافية تساهم في وضع التحكيم الفلسطيني على سلّم العالمية.
ما زلت في بداية الطريق..
من جانبه قال حكم الساحة الشاب “سامح القصاص” الحائز على لقب أفضل حكم في بطولة الدوري أن هذا اللقب وسام شرف يحمله مسئولية أكبر لتطوير نفسه في البطولات المقبلة، مشيراً إلى أنه راضٍ عن المستوى الذي قدمه خلال العامين السابقين، حيث استطاع الصعود بسرعة الصاروخ من حكم درجة ثانية إلى درجة ممتازة في أقل من عامين، وهو لم يتجاوز (27 ربيعاً).
وقال القصاص: “حصولي على لقب أفضل حكم اعتبره تكليفاً جديداً لي كي أكون عند حسن ظن الجميع بي، مشيراً إلى أن قيادته لمعظم المباريات الكبيرة في بطولة الدوري ساهمت في صقل مستواه الفني والبدني، خاصة وأن مثل هذه المباريات تكون فيها الضغوط مضاعفة على الحكم..
وتابع القصاص الذي أدار 30 مباراة (22 مباراة كحكم للساحة، وثمانية كحكم رابع) أن الحكم يتعرض لأبشع أنواع الظلم خلال البطولات، ومع ذلك يتحامل على نفسه ويحاول الوصول في المباراة إلى بر الأمن، لافتاً إلى أن اتهامات كثيرة طالت الحكم في أعراضهم وأخلاقياتهم، فلا أحد يقبل أن نقول إن الحكم الفلاني (مرتش) بدون دليل أو إثبات ولا نقبل أن نتهم حكماً أنه قرر وخطط لهزيمة فريق على آخر بسبب ميوله لأن هذا تشكيك بذمة الرجل ودخول في نواياه..
طموح مشروع..
وأكد القصاص أن طموح أي حكم هو الوصول إلى العالمية، وسأسعى وأجتهد من خلال عملي إلى هذا الطموح للحصول على الشارة الدولية في أقرب فرصة ممكنة، مؤكداً أنه سيسعى لتقديم أداء أفضل في بطولة الكأس الحالية لإثبات قدراته حكم استحق لقب الأفضل هذا الموسم.
الحكام يصنعون الألقاب..
بدوره قال الحكم الدولي المساعد “حسام الحرازين” أن حصوله على لقب أفضل حكم مساعد خلال بطولة الدوري يعد حافز أكبر له لتقديم المزيد، لافتاً إلى أن المسئولية الملقاة على الحكام كبيرة جداً في ظل الضغوط الصعبة التي يتعرضون لها في مختلف المباريات والبطولات لأن خطأ الحكم لا يُغتفر عن الكثيرين، رغم أن الحكام بشر يصيبون ويُخطئون كما غيرهم، ولكن سهام الاتهام دائماً لا ترحم، مؤكداً أن الألقاب لا تصنع حكاماً..
الحكام من يصنعون الألقاب..
وتساءل الحرازين لماذا عندما يخطئ اللاعب فهو بشر لا يلام لأنه معرض للعديد من الضغوط من داخل وخارج الملعب، لكن عندما يخطئ الحكم فإن العدالة تهتز وتصبح قراراته عكسية تخل بمضمون الحيادية وترجح كفة على كفة من دون وجه حق؟!
وطالب الحرازين بضرورة احترام الحكام وقراراتهم، وأن تكون هناك عملية تثقيف جماهيري وإعلامي من خلال ورشات عمل يتم خلالها التوجيه السليم بخصوص الحكام والتحكيم وضرورة احترام وتقدير عملهم كجزء من المنظومة الرياضية..