مكاسب الهزيمة الثلاثية وما بعدها .. !!
بطعم العلقم، جاءت مرارة الهزيمة، التي تجرعها منتخبنا الفلسطيني 3/2 أمام المنتخب السعودي القوي، في مستهل مباريات الفريقين بالتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأسي العالم 2018، وآسيا 2019.. وإذا كانت أجمل الانتصارات، تلك التي تأتي في الثواني الأخيرة، فإن أكثر الهزائم مرارة، هي التي تأتي في نفس التوقيت، وليس غريباً، أن يُعبِّر الأشقاء السعوديون عن فرحتهم بالفوز، أكثر من انتقادهم لمنتخبهم، مع أن الفارق والتاريخ والإمكانيات، تعدمان أية مقارنة بين الفدائي والأخضر، الذي يتقدم بمراحل، في كل شيء.
لماذا خسر الفدائي بهذا السيناريو المثير؟ هذا السؤال، يجب أن يظل مدار بحث ونقاش داخل أروقة المنتخب، حتى بعد الانتهاء من مواجهة ماليزيا، ذلك أن الأخطاء الفردية، التي ارتكبها لاعبونا، والدقائق التي سُجلت فيها الأهداف الثلاثة، وكلَّفت الفدائي الخسارة، وحرمته من أروع بداية، تكشف، أن أبرز عيوب الفدائية، تكمن في التمركز والتركيز، وهي تحتاج إلى علاج عاجل، من قبل المدرب عبد الناصر بركات.
ورغم التفريط بأفضل بداية، ينبغي على منتخبنا عدم البكاء على اللبن المسكوب، والنظر إلى الوجه الآخر للهزيمة، وما حملته من مكاسب متعددة، من شأنها أن تعزز فُرص المنافسة على التأهل. وأول شيء، يجب أن يكون حاضراً في أذهان الجهاز الفني واللاعبين، أن الهزيمة جاءت أمام المنتخب السعودي، المرشح الأول لصدارة المجموعة الأولى، والمرشح الطبيعي للفوز، في أية مباراة تجمع بين منتخبي فلسطين والسعودية، فما بالكم، والمباراة تُقام في الدمام ووسط الأنصار؟!
بعد الفوز السعودي العسير، لن يكون لدينا أدنى شك، أن كل منافس قادم لمنتخبنا، تابع اللقاء، وشاهد تسلسل الأهداف، سيعمل ألف حساب عند ملاقاة الفدائي، لأنه تمكَّن من إحراج بطل آسيا ثلاث مرات، وسجل في شباكه هدفين، يعزّ على كثير من أقوياء القارة، اصطياد مرمى خالد شراحيلي بمثلهما، ناهيك عن أن الفدائي، نجح في العودة إلى المباراة، بعد أن كان متأخراً بهدفين نظيفين، وهذه مسألة في غاية الأهمية، لأن التقدم بهدفين، يعني في كثير من الحالات، بالنسبة للمهزوم، فقدان الأمل، والتسليم بالخسارة، واستقبال مزيد من الأهداف، لكنّ لاعبي منتخبنا، لم يتأثروا بأي من ذلك، ونجحوا في الحفاظ على تماسكهم، وهو مكسب فني ومعنوي، يتطلب استثماره جيداً، والبناء عليه في قادم المباريات، خاصة الصعبة منها.
نعم، أصبح للفدائي هيبة وسمعة في المحافل الآسيوية والعربية، وبرهن الفدائية، على أن منتخب فلسطين، لم يعد مصنفاً، في خانة ضعاف القارة، ولا صغارها، بل أعطونا الثقة اللازمة، بالقدرة على مقارعة الكبار، والإيمان بحظوظ أفضل، في قادم المنافسات، ولكن، يبقى ذلك مرهوناً، بضرورة الحفاظ على التشكيلة الحالية، ليس في مباراة واحدة، أو تصفيات قارية معينة، بل على مدار سنوات مقبلة.
وما بعد الهزيمة الثلاثية، ليس كما قبلها. من الآن فصاعداً، لا مجال للتراجع في أداء المنتخب الفلسطيني، ولا مجال للتفريط، بأي حق من حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها، حق اللعب في الملعب البيتي. وأظن، أن اتحادنا الكروي، أيقن بعد الهزيمة أمام السعودية، أهمية تمسكه بهذا الحق، وكان هذا واضحاً، من خلال تصريحات رئيسه، اللواء جبريل الرجوب، ومن قبله، رئيس بعثة الفدائي يوسف لافي، التي طالبت الأشقاء السعوديين، بضرورة لعب مباراة الإياب في فلسطين، أسوة بالمنتخب الإماراتي.. عندما توجّه هذه التأكيدات، عبر صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، يكون معلوماً، لكل من يعنيهم الأمر، جدية الموقف الفلسطيني، وأن فدائي اليوم، ليس كفدائي الأمس، فسقف الطموحات ارتفع، ولا يوجد مكان تُحقق فيه الطموحات والآمال، أفضل من ملعب فلسطين البيتي، وأمام جماهير الفدائي.. هذا هو مطلبنا، وعلى كل الأشقاء والأصدقاء، دعم هذا الحق المشروع.