بطل محلي وتتويج عالمي …. نعم الجماهير وبئسها
غزة – جهاد عياش
الحكاية الأولي : تهانينا
انتهت مباريات الأسبوع الأخير من دوري الوطنية موبايل عام 2015 / 2016 ، بتتويج فريق خدمات رفح بلقب البطولة ، ووصافة الصداقة له ، فيما ودعت أندية خدمات المغازي وشباب جباليا الدرجة الممتازة ، وعادت أدراجها للدرجة الأولي ، ورغم بعض المشاكل والصعوبات الفنية والإدارية والمالية ، وبعض التحفظات على مستوي التحكيم ، وبعض نتائج المباريات التي شابها الشكك والتلاعب ، إلا أن الأمور بحمد الله وتوفيقه وصلت إلي حيث خطط لها، ورست السفينة على شاطئ الأمان ،ولم يكن لهذا الأمر أن يتأتي، لولا الجهود المخلصة، والعمل الدؤوب ، والعرق المسكوب ، من أؤلئك الرجال المخلصين في اتحاد كرة القدم : أعضاء اتحاد وأعضاء لجان المسابقات والحكام والانضباط وشئون اللاعبين وغيرهم من مراقبين ومقيمين، ونخص بالذكر هنا قضاة الملاعب ، حكامنا الصابرين ، الذين تعرضوا للضغط والسب والقذف من الجماهير والمدربين واللاعبين ، ولم يلتفتوا لأصابع الاتهام التي كانت تشير إليهم، كلما حدث شيء ما في الملاعب ، وأصروا على استكمال ما تبقي من مباريات، رغم تأخر صرف مستحقاتهم ، فكل التحية والتقدير لهم، والشكر موصول أيضا لرجال الأمن الذين وقفوا بكل حزم أمام المشاغبين، وأمنوا الملاعب بكل عناصرها ووصلوا بنا إلي بر الأمان ، ولاننسي في هذا المقام، الزملاء الإعلاميين والصحفيين والمصورين والمراسلين ومقدمي البرامج المرئية والمسموعة ، الذين بذلوا جهودا مضنية رغم الإمكانيات المحدودة ليضعوا المتتبع لمسيرة الدوري في صورة الحدث دائما .
تهانينا لكل من ساهم في إنجاح بطولة الدوري من: اتحاد وأندية وجماهير ورجال شرطة وإعلاميين وألف مبروك للجميع .
الحكاية الثانية : بطل محلي وتتويج عالمي
ربما اختلف طعم البطولة هذا العام عن البطولات السابقة ، رغم أن خدمات رفح توج قبل ذلك 3 مرات ، ذلك أن التتويج جاء هذه المرة على أرضية الملعب، بعد انتهاء آخر مباراة مباشرة ، وكان قبل ذلك يتوج الفريق الفائز بالبطولة، خلف أبواب مغلقة لفئة خاصة، بعيدا عن أعين الجماهير، التي من حقها أن تحتفل مع نجومها بفرحة الفوز والانجاز، وفعلا قام اتحاد كرة القدم ، وبالتعاون مع الوطنية موبايل راعية البطولة، بتجهيز منصة كبيرة وبساط أحمر وقوس كبير ، ينطلق من تحته اللاعبون في طريقهم إلي منصة التتويج، حيث كبار رجال الرياضة والضيوف والرعاة ، وكم كان المنظر بهيجا وأنت تري هذا النظام المحكم، وقد عرف كل مكانه ، ويتجه كل لاعب باسمه إلي منصة التتويج، وهو يرافق بعضا من أفراد عائلته خاصة الصغار منهم ، فيما ينظر الآخرون من الآباء والأمهات والزوجات والأولاد، إلي هذا الفخر وهذا البطل المتوج ، وهم يصفقون ودموع الفرح تنساب من عيونهم المستبشرة ، كما ينساب قطر الندي عن الزهر ، في صباح يوم مليء بالحب والأمل . نعم لحظات سعيدة ورائعة، عاشتها جماهير خدمات رفح خاصة، وهي تحتفي بفرسانها المظفرين والمتوشحين بالمجد والفخر ، وجماهير الكرة الغزية عامة ،وهي ترى هذا المنظر البديع، الذي طالما شاهدناه على شاشات التلفزيون ، وكان مقتصرا على البطولات العالمية والقارية ، وحكرا على الدول المتقدمة ، وما لبثنا أن شاهدنا وتابعنا هذه اللحظات التاريخية، وعشناها واقعا ملموسا، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على أهمية رعاية البطولات الكروية، والرياضة المحلية بكل فروعها، من قبل القطاع الخاص ، وأن تطوير أداء المنظومة الرياضية من الناحية الفنية والإدارية والمالية متاح جدا ، ولكن يبقي القرار فقط ، وكنا نظنه بعيدا وإن شاء الله نلامسه قريبا .
الحكاية الثالثة : نعم الجماهير وبئسها
من تابع مباريات الأسبوع الأخير من الدوري الممتاز ، وشاهد الجماهير التي تابعت مباراة خدمات رفح، البطل المتوج وجاره الشباب ، ومن ثم شاهد الجماهير التي حضرت مباراة اتحاد خانيونس المهدد بالهبوط ونظيره نادي الصداقة ، ثم شاهد الجماهير التي رافقت مباراة خدمات الشاطئ وشباب جباليا المهددين بالهبوط ، لالتبس عليه الأمر، وظن أن كل هذه الفرق تتنافس من أجل اللقب ، ولم يخطر بباله أنها تتصارع على عدم الهبوط ، ذلك أن الجماهير في ملعب المدينة الرياضية، وملعب اليرموك، كانت حاضرة بكثافة وبقوة، وشجعت فرقها بطريقة جنونية، وآزرت لاعبيها من أجل الهروب من جحيم القاع ، وكم كانت جماهير الاتحاد رائعة وهي تملأ المدرجات، و تشجع فريقها ، وتبتكر دخلات ومقدمات ومحفزات للاعبيها ، وتحثهم على المزيد من الجهد والعرق ، حتى يتخطوا هذه العقبة، خاصة تلك اللوحة المميزة، التي عبرت عن القلعة الحصينة الأبية التي تخرج الأبطال ، وكيف برز اللاعبون كالأسود ، من بوابة القلعة وخرجوا منتصرين ، وكان الأمر المؤسف ما كتب ورسم على اللوحة الثانية، من عبارات ورسومات تسيء لهذا الصرح الرياضي الكبير، وهذه الجماهير التي تستحق أن تحتفل بفريقها وهو متوج باللقب، وليس ناجيا من الهبوط ، وربما كان المد الجماهيري للبحرية وثوار جباليا يدعو للدهشة والإعجاب، وهي تشجع وتؤازر فريقيها ، المهددين بالهبوط ، وهي تستحق خاصة جماهير الشاطئ ، أن تحتفل بفريقها وهو متوج بلقب الدوري أو الكأس ،ولكنها انحرفت عن المسار، بعد أن ذهبت بعض هذه الجماهير، لتتطاول على مقر عميد أندية فلسطين غزة الرياضي بلا داعي ، واستحقت جماهير شباب جباليا فريقا في الدوري الممتاز ، ولكنها خرجت عن النص في نهاية المشوار في مشهد غير لائق ، خاصة بعد رفض الفريق إكمال المباراة .
الحكاية الرابعة : دعوة للمصالحة
انتهي معترك المباريات ، وبدأت المدرجات تنفض غبار الجماهير، التي أثقلت كاهلها، وهدأت النفوس بعد أن حققت مبتغاها ، ولم تعد الظروف الصعبة تتحكم بها ، بعد أن خمدت جذوة المنافسة وزالت أسباب التوتر والقلق ، وفارق كل منا خط التماس الذي يقربه من الطرف الآخر ، في لحظة العصبية والغضب ، ومن هنا كان لزاما علينا أن يراجع كل منا نفسه ، بل ويحاسبها على ما قدمت ، وماذا جنت ، وأين أوصلته ، فديننا الحنيف ، وأخلاقنا الكريمة ، وعاداتنا الجليلة ، وحق الجار على الجار ، والظروف السياسية و الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي نحياها، تحتم علينا ، نبذ الكره والبغض ، والبعد عن التناحر والتشاجر لأتفه الأسباب، كما رأينا من بعض جماهيرنا الحبيبة على مدار الموسم المنصرم ، والمتتبع للأحداث، لا يكاد يجد مبررا لهذا الخلاف، وهذه الأفعال المشينة، وكيفية الردود عليها بأفعال أكثر عصبية وتطرفا ، مما ولد مواقف تنذر بتفشى العنصرية بين أبناء الوطن الواحد ، وعلى الرغم من الجهد الكبير ، والإبداع المميز للجماهير ، في كيفية تشجيع فرقها، وإثارة حماسته ، إلا أن هذا الجهد، وفي كثير من الأحيان يذهب في الاتجاه السلبي ، الذي يعود بالضرر على الأندية نفسها ، قبل أن بدمر العلاقات الأخوية بين النسيج الرياضي، الذي هو أهم عوامل الوحدة والتقارب والمحبة ، وهذه دعوة لجماهيرنا الوفية ، لنسيان ما جري في الموسم الماضي ، وفتح صفحة جديدة ، واطلاق حملة للتصالح والتصافح والتصافي، تحت عنوان ( الصلح خير) عبر صفحات التواصل الاجتماعي ، وعبر الرسائل النصية ، وعبر المواقع الإلكترونية ، وعبر البرامج الرياضية المرئية والمسموعة ، وأتمنى من الأخوة الزملاء تبني هذه الحملة، وتشجيعها وإفراد مساحات واسعة في وسائلهم الإعلامية ، من أجل إتاحة الفرصة أمام جماهير خانيونس، على كافة مشاربها للاشتراك في هذه الحملة، وكذلك جماهير رفح وجماهير الشجاعية ، وجماهير الشاطئ وغزة الرياضي ، ولكل الجماهير والرياضيين والمسئولين ، الذين يرغبون بالحب والتسامح ونبذ العنف اللفظي والجسدي والله ولي التوفيق .
الحكاية الخامسة : مقبرة الناشئين
رغم تألق العديد من نجوم كرة القدم أثناء مباريات الدوري، ورغم تأثيرهم الكبير في نتائج فرقهم، ورغم قيادتهم الحكيمة لبقية زملائهم، خاصة في المواقف الصعبة ، أمثال سعيد السباخي نجم نجوم كرة القدم في الدوري المحلي ، الذي كان له الدور الأبرز، في قيادة فريقه الخدمات، للتتويج باللقب وزميليه في الفريق أحمد البهداري وجهاد أبو رياش ، إضافة إلي سليمان العبيد نجم هجوم غزة الرياضي، وهداف الدوري، وزميليه باسل الأشقر وإسماعيل المدهون ، وكذلك علاء عطية نجم هجوم اتحاد الشجاعية ، وإياد النبريص وثائر أبو عبيدة ويوسف داود وبسام قشطة ومحمد أبو دان وهيثم النجار وإبراهيم الحبيبي وحسن حنيدق ومحمد نعيم عبيد، ومحمد أبو ناجي وإسماعيل أبو شرف، وكوكبة كبيرة من النجوم المتألقة، لا يسع المقام لذكرها ، إلا أننا لم نشاهد على مدار الموسم، أي لاعب جديد من ناشئي الأندية ، أو أية موهبة يشار لها بالبنان ، وهذه ظاهرة غير صحية على الإطلاق ، بمعني أن الأندية تدور في نفس الدائرة، وهذا ما سبب هبوط المستوي الفني في المباريات الأخيرة ، بسبب عدم تجهيز البدلاء من شباب الأندية ومواهبها ، ولم يجرؤ أي مدرب على الدفع بالشباب، خوفا من النتائج السلبية ، وتجنبا لأية مسئولية ، مما أضر كثيرا بالأندية و بالمواهب الشابة ، كما أن إدارات الأندية ستتكبد مزيدا من الأعباء المادية، لشراء اللاعبين الجاهزين، الذين سيرتفع سعرهم بسبب قلة المواهب القادرة على العطاء في الدوري الممتاز ، ولعل من أسباب غياب المواهب الشابة ، هو عدد الأندية القليل نسبيا في الدوري الممتاز، وبالتالي قلة عدد المباريات ، وإهدار النقاط مع قلة عدد المباريات، لايمكن تعويضه بسهولة ، ولذلك يجد المدرب دائما نفسه، مضطرا لإشراك لاعبي الخبرة، خوفا من ضياع النقاط أو طمعا في تحقيق البطولة ، أو هربا من شبح الهبوط ، ولعل من أسباب هذه الظاهرة، عدم وجود بطولات مصاحبة للشباب ، وإن بدأت مؤخرا بطولة لفئة الشباب، وهذا شيء جيد، ولكنه متأخر بعض الشيء ، ونتمني من المدربين مشاهدة مباريات دوري الشباب، والاستفادة من المواهب والاعتماد عليهم في الموسم القادم، حتى لايكون مثل الموسم المنتهي مقبرة للمواهب الشابة .