2024-11-21

«بالستينو» أكثر من مجرد نادٍ ..«هوية وطن»

2021-05-15

موطني موطني الجلال والجمال والسناء والبهاء في رُباك. تلك هي كلمات ومطلع النشيد الوطني لفلسطين، لكن ولأن السبل تقطعت ببعض الفلسطينيين عن رُبى الأراضي المقدسة، فأرداوا أن يلونوا رُبى آخرى بألوان علمهم ويطلقوا عليها اسم فلسطين وإن كان يُنطق بلغة آخرى، “بالستينو”.

فلسطين هي المرادف للكفاح، العزة والمقاومة، حينما تُذكر يتبادر للأذهان المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وأطفال الحجارة، لكن حينما تُقال “بالستينو” فإنها مقاومة من نوع آخر وتعريف بالقضية الفلسطينية من خلال كرة القدم ولكن ليس في أزقة رام الله أو القدس المحتلة بل في سنتياجو عاصمة تشيلي .

هجرة وتوطين بكرة القدم

بدأت الهجرة من بلاد الشام وفلسطين، أواخر القرن الثامن عشر، نحو العالم الجديد وأمريكا اللاتينية. وحينما بدأ عدد المهاجرين يزداد، من فلسطين تحديدًا، فكر الشباب عام 1916 بإقامة نادٍ لهم لكرة القدم، على غرار أبناء الجاليات الإسبانية والإيطالية والأعراق الآخرى؛ فكان نادي ” كلوب ديبورتيفو باليستينو” الذي أُسس في 20 أغسطس 1920.

عند بداية تأسيس النادي لم تكن فلسطين قد اُحتلت من الكيان الصهيوني، لكنها كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني؛ أي أن بداية تأسيس بالستينو كانت من أجل كرة القدم فقط لكن النادي قُدر له أن يحمل اسم فلسطين ولو بعُدت الأميال عن الوطن الأم.

من النكبة بدأت القصة  

أُسس الفريق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني، لكنه ظهر وبدأ لعب الكرة بشكل احترافي بعد نكبة ضياع فلسطين في 1948؛ حيث سُجل الفريق كنادٍ احترافي لكرة القدم وفاز بالبطولة وصعد لدوري الدرجة الأولى في تشيلي بعد موسم واحد من بقاءه في دوري الدرجة الثانية وكان ذلك  في عام 1953 ولم يهبط منه للآن. 

وحقق “بالستينو” أول بطولة له في 1955 حين فاز بالدوري، وبعدها بعشرين عامًا فاز بالكأس ولعب في كوبا ليبرتادوريس لأول مرة. وفي 1978 فاز بالدوري مرة آخرى وبعدها بعام لعب في كوبا ليبرتادوريس الذي حقق فيها أفضل نتائجه عام 1979 حين وصل لنصف النهائي.

وتعتبر فترة السبعينات هي فترة ذهبية للفريق؛ حيث سجلوا رقمًا مازال لازال عصيًا على التكرار في تشيلي، فلم يُهزم الفريق طوال 44 مباراة من 1978 وحتى منتصف عام 1979 .

ومازال النادي الفلسطيني يحقق النجاحات فقد وصل هذا الموسم لبطولة كوبا سود أمريكانا.

بعد النجاح المحلي، والظهور في القارة اللاتينية، كان على بالستينو، إنشاء ملعب خاص به وهو ما تحقق عام 1988 حين افتتح ملعب يتسع لـ 12 ألف متفرج، ملونة مقاعدهم بألوان العلم الفلسطيني، بمنطقة “لا سيستيرنا” في وسط العاصمة التشيلية “سنتياجو”.

بالستينو، كان شاهدًا على بدايات مانويل بيليجريني، مدرب مانشستر سيتي، الحالي وريال مدلاريد الأسبق، حيث درب الفريق من 1990 حتى 1992، وكانت تلك هي تجربته التدريبية الثانية. قصة بيليجريني مع فلسطين ربما ترجع لتولي مانويل، مهمة مساعد مدرب منتخب تشيلي تحت 20 سنة، مع أرتور صلاح، لاعب كرة القدم والمدرب التشيلي من أصول فلسطينية. كما عاد بيليجريني لتدريب بالستينو في 1998 لكنه قضى فترة قصيرة معهم.

بيليجريني تحدث في 2013 لصحيقة ميرو الإيرلندية عن بداياته عن التدريب وقال يوم ما نادٍ صغير اسمه بالستينو، طلبني لتدريبه. لن أكشف عن الراتب لكن دعوني أقول أنني كنت سأكسب 10 من الهندسة وبالستينو عرض علي 2. لكنني قبلت بالعرض على إيه حال وتلك كانت بداياتي الحقيقة مع التدريب”.

للفريق أيضًا فريق للكرة النسائية وفريق للناشئات.

الانضمام للفريق

كان الانضمام  لنادي بالستينو في بداية تأسيسه مقصور على  اللاعبين العرب لكن مع مرور الوقت وانفتاح واندماج الجاليات العربية مع بلد سكنهم الجديد كان الوضع يُحتم على الفريق بدء الترحيب بلاعبين من جنسيات آخرى. الآن معظم الفريق من الجنسية التشيلية والأرجنتينية بعضهم أصوله عربية وآخرين لم يسمع أي من جدودهم لفظ عربي ربما، لكن قائد الفريق المعتزل مؤخرًا روبرتو أفالوس، والذي لعب بقميص بالستينو، منذ 1998، سيظل الأبرز بين لاعبيه؛ فعلم فلسطين الذي وسمه على قدمه سيرافقه حتى الممات.

يمنع بالستينو فقط  انضمام اللاعبين الصهاينة وليس اليهود للنادي، فمدرب للفريق في أحد السنوات طلب التعاقد مع لاعب تشيلي يهودي الجنسية، ولم تمانع الإدارة كونه يهودي لكن ما عرقل انضمامه هو لعبه لنادي مكابي تل أبيب في وقت سابق الأمر الذي دعا الإدارة لإثناء المدرب عن التعاقد مع هذا اللاعب.

الجمهور والإدارة

لفريق بالستينو، قاعدة جماهيرية من المواطنين أصحاب الأصول العربية لكنه نجح في أن يجذب إليه جماهير من جنسيات مختلفة، عرفت بالقضية الفلسطينية وتعاطفت معها فشجعت النادي أو جذبها عشق كرة القدم لبالستينو، وعرفت من خلاله القضية الفلسطينية.

نادي بالستينو، هو شركة مساهمة تملك أسهمها عائلات فلسطينية مقيمة بتشيلي، كل أعضاء مجلس الإدارة الحالي من أصول فلسطينية ورئيس مجلس الإدارة هو فرناندو عواد دغش.

الهوية الفلسطينية

يفخر بالستينو دائمًا بهويته الفلسطينية؛ الفريق استقبل معسكر تدريبي لمنتخب فلسطين عام 2004، كما وجه الاتحاد الفلسطيني دعوة لفريق بالستينو، لزيارة فلسطيني عام 2011 والمشاركة في بطولة “النكبة الدولية الأولى”، الفريق الأول لم يذهب للبطولة لارتباطه بمباريات في الدوري التشيلي لكن الفريق الرديف وبعض من ناشيء الفريق سافر للوطن الأم فلسطين للمشاركة.

كما وقع النادي الذي يحمل اسم فلسطين، اتفاقية توأمة مع أندية فلسطينية كما استقبل بداية العام الحالي معسكر تدريبي لنادي أهلي الخليل

مشكلات الهوية

إن كان نادي باستينو، يفخر بهويته الفلسطينية ويعتز بها إلا أن تلك الهوية جلبت عليه مشكلات عدة منها ما حدث في نهائي الدوري التشيلي “كلاوسور” 2008 فالنادي الفلسطيني يقول إن حكم اللقاء “الصهيوني” روبرت سليمان، طرد لاعبين من فريقه بينهم حارس المرمى دون وجه حق وأعطى ركلة جزاء لفريق كولو كولو، استدعت فتح الاتحاد التشيلي تحقيقًا في الواقعة وهروب الحكم للأراضي المحتلة.

القصة تلك وإن كانت تدخل في ثنيات الظلم التحيكمي الذي يعاني منها جميع الفرق، إلا أن الواقعة الثانية تحدثت عنها عديد من الصحف العالمية.

عام 2014 قرر الفريق وضع خارطة فلسطين على قمصان الفريق بدلًا من الرقم واحد لكن بعد عدة مباريات حظر الاتحاد التشيلي قميص بالستينو الموضوع عليه الخارطة وفرض غرامة مالية لأنهم اعتبروا الخارطة مخالفة للوائح والقوانين حيث يمنع استخدام رموز غير الأرقام الصريحة والواضحة خلف قمصان الفريق ولم يعزي العقوبة لأي أسباب سياسية.

قميص نادي بالستينو الذي أثار الأزمة

لدي برشلونة وجماهيره، شعار يقولونه ومكتوب على مدرجات ملعبهم كامب نو،  قاله رئيسهم سامبر قديمًا، هو “أكثر من مجرد نادٍ” وكذلك نادي بالستينو، فالفريق تحول بسبب الظروف التي تعيشها فلسطين، لأكثر من مجرد نادٍ بل نوع من أنواع المقاومة، وتذكير بأن أبناء فلسطين مهما بعدوا عنها تظل هي محور اهتمامهم حتى ولو كان ذلك عن طريق فريق لكرة القدم.

المصدر : بوابة الأهرام الرياضية