بلستينو في فلسطين .. هنا عانق الأحفاد أرواح الأجداد
كتب – أحمد العلي
مرة أخرى تتصدر الرياضة الفلسطينية المشهد الفلسطيني بامتياز، تبعث الفرح والأمل، نرى من خلالها صدق العمل والاجتهاد، صدق الانتماء، صدق الحب للرياضة التي باتت بلا شك لغة مهمة في التعبير عن آمالنا وطموحاتنا، وإظهار للعالم أجمع قدراتنا على استضافة وتنظيم النشاطات الرياضية، رغم ضعف الإمكانيات المتوفرة بين أيدينا.
لم يكن لوصول نادي بالستينو التشيلي إلى فلسطين حضور عابر، فهنا عانق الأحفاد أرواح الأجداد، هنا اشتموا لأول مرة تراب الوطن الذي أجبروا على فراقه قسرا فيما مضى، لم يكن من المهم النتيجة وميزان الربح والخسارة، بقدر إنجاز وانجاح هذه الزيارة لنادي بالاستينو القادم من تشيلي في أمريكا الجنوبية، هذا الفريق الذي يحمل اسم فلسطين، ولا يتوانى عن وضع خارطة فلسطين التاريخية كاملة على قميصه، فمن عملوا على بناء النادي وتأسيسه هم فلسطينيون غيبهم ألم الهجرة، فبنوا وطنا حمل اسم الوطن وحلم العودة إليه.
على صعيد النتيجة وإن لم يكن مهمّا كثيراً كما ذكرنا أعلاه، إلّا أنّ منتخب فلسطين نجح في تحقيق الفوز بثلاثة أهداف دون رد، وقّع عليها كل من أحمد أبو ناهية وأشرف نعمان ومحمد يامين على التوالي، ولقد كان للمباراة فوائد عدة تمثلت بعودة المدرب عبدالناصر بركات على رأس الجهاز الفني، بعد فترة غياب لأسباب شخصية قاهرة، إذ أن تواجد المدرب عبدالناصر بحد ذاته أضفى تميزا وزاد ثقة اللاعبين وحتى الجماهير.
كما شهدت المباراة عودة أشرف نعمان إلى صفوف المنتخب من جديد، بعد تألقه الملحوظ خلال مبارياته الأخيرة برفقة ناديه شباب الخليل، وكان للنعمان لمسته الخاصة بتسجيل الهدف الثاني من كرة ثابتة مفاجئة، كونها جاءت من مسافة بعيدة، ولكنه أكد من خلالها احتفاظه بمخزون احتياطي من روعة الأداء الذي لطالما أفرح به قلوب الجماهير وهو يرتدي قميص الفدائي، إذ مازال عالقاً في الأذهان هدفه التاريخي ومن كرة ثابتة أيضاً في مرمى الفلبين عام 2014، الذي من خلاله حسم لقب كأس التحدي ومنح فلسطين فرصة التواجد لأول مرة بالتاريخ في بطولة امم آسيا، أعرق بطولات القارة الآسيوية والتي استضافتها حينها أستراليا عام 2015.
أما المهاجم أحمد أبو ناهية الذي مازال يعانده الحظ في التهديف بدوري المحترفين برفقة فريقه شباب الخليل، فكان له شرف قص شريط الأهداف من كرة عرضية مميزة ارتقى لها ووضعها في الشباك بتسديدة رأسية متقنة، وما نتمناه أن يكون هدف أبو ناهية دافعاً جديداً له للعودة مجدداً لهز الشباك، خاصة وأنه في مرحلة الذهاب من الموسم الماضي كان من أفضل هدافي الدوري والمنتخب، ولكن يسجل لأبي ناهية رغم قلة أهدافه اجتهاده بالحركة الدؤوبة داخل الملعب، وارهاق دفاعات الخصوم وفتح المجال لتحرر زملائه داخل الملعب.
وكذلك كان لاعب الوسط محمد يامين على الموعد، وكسب الثقة التي منحه إياها المدرب بركات، إذ صال اليامين وجال في منتصف الملعب، وقدّم أجمل الكرات والتمريرات لزملائه، اختتمها بتسجيله هدفا ثالثا في اللحظات الأخيرة من المباراة، وبلا شكّ فإنّ المودي وضع قدماً نحو الظهور الدائم برفقة المنتخب في قادم الاستحقاقات، العديد من اللاعبين غير أصحاب الأهداف، كان لهم حضوراً مميزاً ولا يسعنا الحديث عن الكل، ولكن لا يصحّ أن نمرّ مرور الكرام دون ذكر اسم تامر صيام، أفضل من يتقن مراكز الأجنحة بسرعته العالية ومراوغاته المميزة، وإن لم يسجّل بالأمس فكان لحضوره دور بارز في تسجيل الأهداف.
الجماهير وكعادتها أثبتت مرة أخرى أنها فاكهة الملاعب والرقم الصعب، فعلى الرغم من برودة الطقس وتساقط الأمطار، إلا أنّ مدرجات ملعب بلدية نابلس شهدت حضورا للجماهير، الذين لم يتوقفوا عن التشجيع طوال دقائق المباراة، بهتافات مميزة ومنوعة طالت الفريقين ومجّدت الأداء المميز لللاعبي المنتخب، وكذلك الحال مع الحضور الإعلامي المحلي والأجنبي، وكما لا شك أنّ لحضورهم دائما دوراً مميزاً في نقل الرسالة الإعلامية الرياضية الفلسطينية بالصوت والصورة، وبات من الواضح اهتمام مختلف وسائل الإعلام في متابعة وتغطية الأحداث الرياضية، والتوجه نحو تعيين مختصين في متابعة الشأن الرياضي، وهو أمر بلا شك يعكس حالة من الاحترافية في إدارة العمل الإعلامي.
زيارة للذكرى، سيحفظها أرشيف الرياضية الفلسطينية، وسيأتي اليوم الذي يُقال فيه: “نيّال من حضر وشاهد المباراة أو ارتدى قميص المنتخب في ذاك اليوم الخالد”.
المصدر : الحياة الرياضية