كلام خطير: كيف فاز الصداقة بالدوري .. لماذا احتل الخدمات الوصافة ونجا العميد؟!
غزة – جهاد عياش
انتهت مباريات الدوري الممتاز لأندية قطاع غزة موسم 2016 / 2017 بحلوها ومرها وقد بذلت كل مكونات كرة القدم مجهودا كبيرا من أجل الوصول بالبطولة إلي بر الأمان وها نحن نكتب الأسطر الأخيرة التي نصف من خلالها تتويج نادي الصداقة بدرع البطولة لأول مرة في تاريخه وتوديع ناديي خدمات خانيونس والتفاح إلي الدرجة الدنيا مع الشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاح البطولة :
أولا : الصداقة البطل في أبهي الصور
بعد طول انتظار وبعد جهد وعمل وبعد مثابرة واجتهاد على مدار سنوات سابقة حاول خلالها نادي الصداقة ( الجمعية الإسلامية ) ملامسة اللقب وتسجيل اسمه في لوحة شرف العظماء ، وصل أخيرا لمبتغاه بعد موسم شاق وطويل ابتدعت كل عناصر الفريق الطرق والسبل من أجل تحقيق حلم الجماهير المتعطشة لمجد بحجم بطولة الدوري، هذه العناصر المتمثلة بمجلس الإدارة والاجهزة الفنية والإدارية والطبية واللاعبين ومن ثم الجماهير الوفية التي رافقت الفريق على مدار الموسم .
فريق الصداقة ،هذا الفريق الفتي والشجاع الذي اقتحم معترك الكبار بعد صعوده مباشرة إلي الدرجة الممتازة وظل مزاحما ومنافسا على اللقب وتصدر البطولة في العديد من المواسم وكاد أن يظفر باللقب في أكثر من موسم لولا سوء تقدير الأمتار الأخيرة وقلة الخبرة لدي اللاعبين ولكن في هذا الموسم كان الإصرار والعزيمة هما عنوان وشعار المدرب واللاعبين والإدارة والجماهير ، المدير الفني للفريق عماد هاشم كان يقظا وصبورا وتحلي دائما برباطة جأش يحسد عليها خاصة في اللحظات التي فقد الفريق فيها الصدارة أو عندما كانت تتاح له الفرص للابتعاد في الصدارة بعد التعثرات المتكررة للمنافسين وحينها تعرض للنقد كثيرا بسبب التشكيل وأسلوب اللعب والتفريط في بعض النقاط إلا أنه دائما كان يقول هذه نقطة البطولة عند أي تعادل فكم كان محقا أبو يوسف المدرب الشاب المجتهد الذي صنع من كوكبة النجوم الصاعدة ابتداء من فادي جابر مرورا بصائب أبو حشيش وانتهاء بمحمد بلح جوقة فنية رائعة تعزف الألحان وترسم لوحات فنية جميلة وتلهب الحماس بإيقاعها الشجي، بل هي كتيبة مدفعجية أصابت أهدافها في جميع الفرق وعادت مظفرة بالنصر وتاج الملكية وخلف هؤلاء مجلس إدارة هادئ محترم ومستقر بقيادة الدكتور سعيد الغرة الذي حرص دائما على مرافقة الفريق وتوفير كل المستلزمات وتذليل كل العقبات من أجل تهيئة الأجواء المناسبة للاعبين، ولاننسي فاكهة المدرجات وورودها جماهير الصداقة الملتزمة والعاشقة للون الأخضر الذي بذلت مجهودات كبيرة ودعمت الفريق في كل الظروف ولم تتخل عن حلمها للحظة واحدة وكانت الثقة بالتتويج باللقب شعارهم وحلمهم الذي تحقق بعد طول انتظار ، إضافة إلي المجهود الخرافي الذي يبذله الجهاز الفني والإداري والطبي الذين لم يتوانوا ولو للحظة واحدة في خدمة الفريق . فكل التحية والتقدير لمنظومة نادي الصداقة وألف مبروك التتويج باللقب الأول وعقبال تتويجات أخرى.
ثانيا : كلام خطير: كيف فاز الصداقة بالدوري
كلام مهم وخطير تحدث به رئيس نادي الصداقة الأنيق في هيئته والدمث في أخلاقه والمهذب في كلامه الدكتور سعيد الغرة عندما سئل عن الكيفية التي فاز بها نادي الصداقة بدرع بطولة الدوري الممتاز لأندية قطاع غزة هذا الموسم ، وظننت للوهلة الأولي أنه سيتحدث عن عبقريته في اختيار المدرب وشطارته في انتقاء اللاعبين وخبرته الواسعة في حصد البطولات ودوره الكبير في قيادة النادي ودعمه للنادي من جيبه الخاص وخططه الفنية والتكتيكية إلي غير ذلك من الأشياء التي يمكن أن يتحدث بها أي رئيس ناد متوج بلقب كبير وتكون مقبولة لدي الرأي العام وللجماهير كونه المسئول الأول عن النجاح ، ولكن ما تحدث به الدكتور الغرة كان أبسط وأروع وأحلي من ذلك بكثير ،كلام يحتذي به ويجب أن يحفظ عن ظهر قلب لأنه وصفة أكيدة للنجاح عندما قال : ” وصلنا إلي هذا المجد بتوفيق من الله ثم بالعلاقات والأموال وأضاف وصلنا باتصال علاقاتنا بالله عزوجل وتحسينها وعلاقاتنا مع الوالدين وبرهما وعلاقاتنا مع أبناء مجتمعنا من المحتاجين والمرضي وتجلي ذلك بزيارة مستشفى الرنتيسي الخاص بالأطفال الذين لديهم أمراض خطيرة ومزمنة بعد الدور الأول عندما أنهيناه متصدرين، وعلاقة اللاعبين ببعضهم البعض ، علاقة محبة وأخوة وتكافل فعند صرف المكافآت للاعبين الأساسيين كان يجمع هؤلاء اللاعبين جزء من المكافأة ثم يوزع على البقية التي لم تأخذ وكان آخر مثال على ذلك أن اللاعبين وقبل مباراة الشاطئ وهي مباراة التتويج جمع اللاعبون من أموالهم الخاصة وتصدقوا بها لأحد الأشخاص، ناهيك عن أن النادي اعتمد بشكل كبير على ابناء النادي في تحقيق اللقب وكان التعزيز من الخارج محدودا، واضاف أن لديهم فرقا للناشئين ومن فئات متعددة وأنه على استعداد لصرف مبلغ 5000 آلاف دولار على فريق للناشئين بدل أن يشتري لاعبا جاهزا .. ” ، كلام يدخل العقل والقلب ويثلج الصدر وينشر الأمل من رجل عرف كيف تدار الأمور، كلام تربوي يهذب النفوس والسلوك ويدخل الطمأنينة على قلب أي لاعب قبل أن تدخل الكرة إلي الشباك ويجمع الألباب قبل أن يجمع النقاط ويسمو بالروح قبل السمو بالتاج ، إدارة حكيمة قائمة على تقوي الله فكل التحية والتقدير لشخصك الكريم ولمجلس إدارتك الحكيم ولمدربكم القدير وللاعبيكم الموهوبين ولأجهزتكم الفنية والإدارية والطبية المخلصين ولجماهير العاشقين .
ثالثا: لماذا احتل الخدمات الوصافة ونجا العميد
عند الحديث عن احتلال خدمات رفح مركز الوصافة وهو صاحب الرقم القياسي للفوز ببطولة الدوري ( 4مرات )كان آخرها الموسم الماضي ربما يكون بالأمر المستغرب أو أنه مركز معيب ولكن المتتبع لمسيرة هذا الفريق طوال الموسم يجد أن هذا الفريق الذي وصل في بعض المراحل إلي مراكز الهبوط ربما يكون الأفضل من حيث المدرب واللاعبين والأداء والنتائج خاصة في الدور الثاني الذي جمع فيه الفريق 22 نقطة متفوقا على البطل الصداقة الذي جمع 18 نقطة فقط ، إضافة إلي تسجيل خدمات رفح لخمسة انتصارات متتالية وهو رقم غير مسبوق هذا الموسم ولم يحققه أي فريق حتى البطل ، هذا الفريق غادره النجم الأول في قطاع غزة سعيد السباخي وهو من أبرز اللاعبين على الصعيد الفلسطيني إضافة إلي مغادرة نجم الفريق معتز النحال إلي الضفة فاستعان مدرب الفريق الواعد محمود المزين بمجموعة من الشباب آمن بهم ولم يخذلوه ، أبهروا الجميع بأدائهم الراقي ومهاراتهم العالية وإصراراهم على النجاح أمثال أنس الشخريت وعماد فحجان وشرف حسنين والاعتماد على عطايا جودة الحارس الواعد ومن خلفهم البهداري واللولحي، ولم تفت في عضض إدارة الفريق ومدربه ولاعبيه الشباب بعض الأصوات النشاز التي افتعلت المشاكل وكادت تعصف باستقرار وأمل الفريق والقضاء على هذا الجيل الواعد عندما أصرت على بقاء المنظومة كما هي وكانت على صواب بعد أن وصل الفريق إلي المركز الثاني وبفارق نقطة واحدة عن البطل الصداقة ونحن في انتظار المزيد من هذا الفريق في الموسم المقبل .
وعن العميد غزة الرياضي التاريخ والعراقة الذي كادت تعصف به الأنواء وتحرفه عن الطريق الصحيح بعد بداية غير موفقة ونتائج سلبية ومشاكل إدارية كانت القصة والرواية والملحمة التي بدأت مع بداية الدور الثاني بعد الاستقرار الإداري و تكليف محمود زقوت بالمهمة التدريبية وجلب لاعبي تعزيز والاستفادة من دكة البدلاء إضافة لبعض الناشئين، هذه الخلطة الجديدة لغزة الرياضي كان لها مفعول السحر فتحسن أداء الفريق وأصبح أكثر قوة ورجولة فكانت النتائج الإيجابية وارتقي في الترتيب بعد أن كان في مراكز الهبوط ووصل به الأمر أن يحتل المركز الخامس في الدور الثاني بعد رباعي القمة مباشرة حيث جمع في هذا الدور 16 نقطة في حين جمع في الدور الأول 7 نقاط فقط فكل التحية والتقدير للعميد ويجب أن يكون الدرس مفيدا .
رابعا: لاعبون في المزاد العلني
ما انتهت مباريات الدوري الممتاز أو حتى قبل نهايتها بأسبوع أو أسبوعين وتحديدا عندما اتضحت صورة لائحة الترتيب خاصة الفرق التي ضمنت البقاء في الدوري الممتاز لعام آخر وإلا كثرت تصريحات اللاعبين الذين يمتلكون ورق الاستغناء في جيوبهم وهم أصحاب العقود التي تدر عليهم الأموال كل عام ،مع العلم أن الموسم الكروي لم ينته بعد فهناك بطولة الكأس التي ستنطلق مبارياتها يوم الجمعة القادم وهي في مراحلها الأولي ، ويحاول كل لاعب يمتلك حريته أن يعلن عن نفسه كمنتج متاح في سوق اللاعبين من خلال تصريحات إعلامية أو تدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي ” أنه يشكر إدارة النادي وزملاءه اللاعبين والجماهير الوفية على الفترة الجميلة التي قضاها بصحبتهم وأنه لن يستمر أو يجدد للنادي أو يكتب أن هذا آخر موسم له مع هذا النادي أو ذاك .. ” في إشارة منه حتى تتحرك إدارة النادي إذا كانت ترغب في التجديد معه أو لا وأن من يرغب في التعاقد معه فهو على استعداد للجلوس مع أي ممثل ناد آخر والاستماع له ودراسة العرض المقدم له دون أن النظر إلي مكانة الفريق الراغب في التعاقد معه وطموحاته وخططه المستقبلية ، ولذلك ينتج عن ذلك عقود قصيرة الأمد بأسعار مرتفعة هذه العقود التي تبرم بين النادي واللاعب لايمكن أن تصنف على أنها سلسلة في حلقات تطوير الأندية وبناء فرق مستقبلية تنافس على البطولات وتلبي طموحات الجماهير العاشقة لهذا النادي أو ذاك وإنما هي حلقة في دائرة مفرغة تعاني منها المنظومة الكروية كل موسم وتؤدي إلي نتائج عكسية في نهاية المطاف وكما تابعنا في هذا الموسم كمية التعاقدات التي غص بها سوق اللاعبين وحجم الأموال المدفوعة من أجل هذه التعاقدات والتي وصلت في بعض الأحيان إلي مائة ألف دولار أو يزيد وفي النهاية لم تستفد هذه الأندية من هؤلاء اللاعبين وبالكاد بقيت بين أندية الأضواء والشهرة.
في النهاية على كل إدارة ناد أو على كل لجنة تعاقدات في أي ناد أن تتعلم من أخطاء المواسم السابقة وأن تدرس تجارب الأندية الفاشلة وتستخلص العظة والعبرة وألا تستعجل وتتهافت على الشراء بمبالغ باهظة تثقل كاهل النادي وعليهم عدم الانجرار وراء المزاد العلني والاعلانات البراقة في سوق اللاعبين والاختيار بعناية ودقة حتى لا يندموا في وقت “ولات حين مندم” .
خامسا : تكوين لجنة فنية لاختيار لاعبي المنتخبات
كم كانت سعادتنا عندما رأينا مدرب المنتخب الأولمبي أيمن صندوقة يزور قطاعنا الحبيب للاطلاع عن كثب على مستوي بعض اللاعبين من خلال حضوره لبعض المباريات أو أجزاء من المباريات لاختيار مجموعة من اللاعبين ليمثلوا فلسطين في المحافل الدولية والبطولات الرسمية وهذه الخطوة تمنتها الأسرة الرياضية منذ أمد بعيد خاصة على صعيد المنتخب الأول الذي يشارك الآن في تصفيات أمم آسيا 2019 والتي ستقام في الإمارات الشقيقة وكما قال المدرب صندوقة “أن تأتي خير من ألا تأتي” ولكن هذه الزيارة القصيرة لم تكن كافية باي حال من الأحوال للكشف عن المواهب الصاعدة في دوري غزة خاصة أنها جاءت في الأسبوع الأخير ويجب على المرب ومساعديه مراقبة اللاعبين ومتابعتهم لفترات طويلة وفي عدة لقاءات حتى يصلوا جميعا إلي خلاصة اللاعبين الذين يصلحون لتمثيل المنتخبات الوطنية بشتى أنواعها وتصنيفاتها وهذا يتطلب تكوين لجنة فنية في قطاع غزة من المدربين ذوي الخبرة وتكون هذه اللجنة دائمة ومهمتها الذهاب إلي الملاعب التي تقام عليها التدريبات والمباريات ومتابعة جميع الأندية وتكوين صورة كاملة عن اللاعبين الموهبين والذين يصلحون للانضمام للمنتخب الأول أو الأولمبي ودمجهم في معسكرات قصيرة الأمد والتأكد من أهليتهم للمشاركة في المنتخبات وإعداد التقارير اللازمة سواء مكتوبة أو مصورة عن كل لاعب والتواصل مع مدربي المنتخبات الوطنية في الضفة الغربية وإمدادهم بكل مايلزم عن إمكانياتهم ومراكزهم وقدراتهم بحيث عندما يأتي أي مدرب إلي قطاع غزة لاختيار لاعبين ومهما كانت مدة إقامته يكون لديه الوقت الكافي للتعرف على اختيارات اللجنة الفنية من خلال التقارير السابقة وما عليه إلا أن يضع اللمسات الأخيرة لانتقاء ما يلزم من اللاعبين .