2024-10-30

الله أكبر، صدام حسين

2020-12-04

بقلم : فيصل عثمان

هتاف الجماهير في ملعب اتحاد العاصمة أمام فريق القوة الجوية العراقي مردّدين شعارات ممجّدة لصدام ورافضة للرافضة ليس جديدا ولا غريبا على الجماهير الجزائرية التي تعوّدت على إبراز المواقف الشعبية دون مساحيق.
في مدرجات الملعب لا وجود لشيء اسمه الدبلوماسية واللباقة وهذا يصحّ وذاك لا، هتافات الملاعب تمثل انعكاسا للرأي العام الشعبي، وتعبيرا صريحا عن مواقف البسطاء تجاه القضايا المختلفة محليا أو دوليا.
لا أدري كيف استغرب أنصار الفريق العراقي سماع الهتاف الممجد لصدام من جمهور تعوّد على شتم الرئيس والوزراء بألفاظ نابيّة، فهل يعتقد مسؤولو القوة الجوية أنّ مقتدى الصدر أهمّ من بوتفليقة في هذا الصّدد!؟
أما من يرى أنّ تمجيد صدّام هو تهليل للطغاة والمستبدّين فهو مخطئ، فالجماهير لا تحترم صدّام الرئيس ولا تتغنّى بصدام الحاكم، بل تستذكر صدّام الرمز والمقاومة.
هؤلاء في الملاعب لا يهمّهم صدام الذي استحوذ على السلطة، ولا صدّام الذي سجن الآلاف، ولا صدّام المتّهم بقتل الأكراد…. مطلقا!
جماهير اتحاد العاصمة تمجّد صدّام الذي حارب إيران 8 سنوات، وتلك الجماهير ترى ما فعلت إيران الشيعية في العراق ولبنان وسوريا واليمن بعد سقوط صدام.
الجماهير تمجّد صدّام الذي تحدّى الحلف الثلاثيني ورمى صواريخه على تل أبيب، لا صدّام الذي احتلّ الكويت، ودع عنك موازناتك فالعقل الجماهيري لا يوازن.
الجماهير تتغنّى بصدّام الذي حارب حتّى اللحظة الأخيرة ولم يختر النجاة بجلده كما فعل غيره.
الجماهير تمجّد صدام حسين المجيد الذي قبضت عليه أمريكا وحليفتها إيران، والذي حاكمته محكمة الخميني قبل محكمة بول بريمر.
الجماهير تمجّد صدام لأنّه دفع بابنيه عديّ وقصيّ في ساعة الحسم إلى ميدان المعركة ولم يرسلهما إلى منتجعات هاواي.
الجماهير تمجّد صدّام الذي تحدّى واستمرّ متحدّيا ولم يتنازل حتى شنقته عمامة مقتدى الصدر قبل مشنقة الجلّاد.
ذاكرة الجماهير انتقائية، تحتفظ بصوت صدّام وهو يسخر من مقتدى الصدر قبل ثوان من استشهاده، على مصطبة الإعدام”هيك… هيك المرجلة”.
الجماهير لا يهمّها صدام الرئيس بل موقف الرجولة حتى لو كانت في الوقت الخاطئ.
العقل الجماهيري لا يقف احتراما للزعيم -كما يظنّ بعضهم- إنه يحتفي “بالمرجلة”.
أتذكر ردّ الدكتور السوري برهان غليون على السؤال نفسه الذي يطرحه الناس اليوم، قالت له الصحفية: لماذا تمجّد الجماهير صدام وهي نفسها التي ثارت ضدّ باقي الطغاة في العالم العربي، فأجاب: ” الشعوب لا تحتفي بصدّام إلا لأن خاتمته كانت شريفة، إن الشعوب العربية تحيي ذاكرة الرمز، ذاكرة الصمود والمقاومة والتحدّي”.
هكذا تفكّر الجماهير، وهذا عقلها الجمعي ولن تستشير المعترض ولا المساند.
أما مسؤولو فريق القوة الجوية فليقيموا مباراتهم في طهران إن شاؤوا، إنّهم لن يغيّروا من موقف الجماهير شيئا.
العبوا واسمعوا الهتاف أو انسحبوا، فلا ولاية للفقيه في الملاعب!