المجتهد فوزي نصّار الجندي المجهول الذي صنع النجوم
بال جول
رحم الله العباس بن عبد المطلب ، رضي الله عنه ، لأنّه كان سنداً وحصانة لابن أخيه ، المصطفى عليه السلام ، وكان هاشمياً في طباعه ، قرشياً في جزالة لغته ، وقد سُئل يوماً ، وكان يكبر الرسول عليه السلام : أيّهما أكبر ، أنت ، أم محمد عليه السلام ؟ فردّ بحكمة وفطنة : هو أكبر مني ، وأنا ولدّت قبله.
تلك الحكاية أذكرها ، عندما أخضع للمقارنة مع أخي فوزي ، حيث ولدّت قبله ، وأعترف أنّه أكبر مني في العطاء الإنسانيّ والرياضيّ ، منذ بدأت حكايتنا – كشبه توأم – في كوخ بلديّ ، في قلب خليل الرحمن ، ولا أجادل في أنّ الرجل ، تعب أكثر مني ، ونضجت ثماره الرياضية قبلي.
وبدأت حكاية الرجل المنسي منتصف السبعينات ، حين تحركت الخليل انتصاراً للمصحف الشريف ، الذي دنّسه الصهاينة في الحرم الإبراهيمي ، فسجن أبو نضال قبل أن ينضج عوده ، لتحتضنه الانتفاضة كأحد جرحاها ، يوم اصطاده قناص محتل غريب ، برصاصة استقرت في رئته ، وما زالت تسكن جسده ، شاهدة على ساديّة الاحتلال ، وجرائمه تجاه الرياضيين الفلسطينيين .
يومها رقد حارس مرمى الأهلي في المشفى ، محاطاً بعناية جيش من الرياضيين الأوفياء ، وتصادف وقتها أن أنجبت زوجته بكرها نضال ، ليتواجد في مشفى ( عالية ) أفراد العائلة الثلاثة ، ومنهم نضال ، الذي سيصبح يوماً لاعب كرة قدم الملاعب ، أوقف المرض اللعين طموحه.
وظهر أبو نضال كحارس مرمى في النادي الاهلي ، ونضجت موهبته بتأثير من الحاج أحمد الناجي ، وعارف عوفي ، ليخط الربعيُّ طريقاً أكثر جدوى في مجال التدريب ، مساهماً في بروز أجيال من نجوم الأهلي ، الذين تألقوا في الملاعب.
تعبت السنين ولم يتعب جنديّ الأهلي المجهول ، الذي لم تزده الأيام إلا حباً للقميص الأحمر ، في قصة طويلة ، أتركه يروي لكم بعضاً من فصولها ، المحفوفة بالمكاره والسرور .
– اسمي فوزي عودة الله ابراهيم نصار ” أبو نضال ” من مواليد الخليل يوم 20/12/1960، حاصل على دبلوم تربية رياضية من معهد خضوري ، وعدة شهادات تدريب خاصة بالأطفال .
– بدأت قصتي مع كرة القدم في الحارات والفرق الشعبية ، قبل التحاقي بأشبال النادي الأهلي ، ثم بفريق الناشئين ، وصولاً إلى الفريق الأول في سن ١٧ عام ، حيث لعبت كحارس المرمى ، قبل انتقالي إلى معهد خضوري ، الذي نلت منه دبلوم التربية الرياضية.
– لعبت لفريق النادي الأهلي حتى اندلاع الانتفاضة الأولى ، لأتفرغ بعد ذلك للتدريب ، مع الإشارة إلى انني كنت أحد الذين ساهموا في عودة النشاط الرياضي مطلع التسعينات .
– لم ألعب في حياتي إلا لأهلي الخليل ، ولعبت لفريق معهد خضوري ، مع عدد من النجوم المعروفين ، وكنت أحد عناصر منتخب المعلمين في تلك الفترة ، كما أنّ معظم مسيرتي التدريبية كانت في النادي الأم الأهلي ، مع عملي لمدة سنة في أكاديمية العميد ، وسنة أخرى مع الفئات السنية لجمعية الشبان .
– وقد استفدت في بداية حياتي الكروية من مدربي النادي الأهلي في ذلك الوقت ، ومنهم رشاد الجعبري ، والمرحوم سليم شبانه ، وعبد الناصر الشريف ، والمدرب القدير احمد الناجي .
– وكانت بدايتي مع التدريب من إبداع المدرب أحمد الناجي في النادي الأهلي ، حيث تأثرت بشخصيته ، وشخصية مهندس الكرة الفلسطينية عارف عوفي في خضوري ، دون أن أنسى دور الأستاذ سالم سماعنة ، إضافة إلى كوني تأثرت خلال مسيرتي التدريبية بكل من الأستاذ نادي خوري ، والراحل جورج قسيس ، وعقيل النشاشيبي .
– ولما تخرجت من خضوري ذهبت إلى عمان حيث جربت حظي مع عدد من الأندية ، ولكن ظروف العمل لم تسمح لي باللعب هناك ، فاقتصر الأمر على الاستفادة من خبرة عدد من المدربين ، منهم مدرب الوحدات المصري فتحي كشك ، ومدرب نادي عمان أحمد حسن .
– وقد ساهمت كلّ هذه العوامل في عشقي للتدريب ، خاصة وأنّه لم يتواجد في السابق طواقم تدريبية متخصصة للفرق ، واقتصر الأمر على مدرب واحد ، يقوم بجميع المهام التدريبية ، والفنية.
– منذ استلامي تدريب أشبال الأهلي عملت على النهوض بالفريق من جميع النواحي ، فنياً ، ومهارياً ، وبدنياً ، مع رفد الفريق بعناصر جديدة كل فترة ، وخاصة بعد تأسيس مدرسة الأهلي الكروية بداية الثمانينات ، وكان ذلك يحتاج إلى جهد وعمل كبير ، مع توفر الوقت والإمكانيات .
– أعتز بعملي في قطاع التربية و التعليم ، والحمد لله كانت مدرستي تنافس دائماً على معظم البطولات الرياضية ، وقد حصلت على لقب بطولة المرحلة الاساسية العليا لمنتخبات التربية حتى الصف التاسع عام ١٩٩٥ على مستوى الضفة ، وشاركت كمدرب لفريق الخليل الموحد في بطولة النرويج الدولية عام ١٩٩٨ ، ومنذ أكثر من 25 سنة أعمل عضواً في اللجنة الرياضية المدرسية ، وأساهم في تنظيم البطولات على مستوى المديرية والوزارة .
– من أجل الاهتمام بالفرق كنا ننظم البطولات والصواعق الكروية ، وكنا نشارك في بطولات رابطة الأندية الرياضية على قلتها ، ومن هذه البطولات البطولة الصيفية الأولى قبل الانتفاضة سنة عام ١٩٨٧ ، حيث فاز الأهلي بخمس بطولات في ذلك العام .
– أعتقد أنّ أفضل تشكيلة دربتها كانت تضم الحراس عزت زلوم ، ومروان زلوم ، وفي الدفاع مالك العويوي ، وحجازي الجعبري ، وعماد ناصر الدين ، وعماد العويوي ، وفي الوسط عمار الدويك ، ووائل ابو اسنينة ، وشمس البدارين ، وفي الهجوم هشام القواسمي ، ومنصور قويدر ، وأيمن طهبوب .
– ومن أبرز النجوم الذين كان لي شرف المساهمة في تأسيسهم نادي جمجوم ، وأيمن الصغير ، وياسر دويك ، وايهاب القيسي ، وعاصم الجعبة ، وعبد الفتاح عرار ، وأمير البكري ، وعمار وبشار الزغير ، وسفيان ابو خلف ، وهشام ابو شخيدم ، وعماد ناصر الدين ، ومنصور قويدر ، وكفاح الغزاوي ، وسميح الجعبري ، وأنس الصرصور ، وخلدون الحلمان ، ومراد ابو ميزر ، ومأمون الخطيب ، وجلال الفلاح ، وموسى دوفش ، وغيرهم .
– من وجهة نظري المدرب المظلوم هو صديقي ابراهيم أبو ماضي ، واقترح هنا إنشاء هيئة تدافع عن حقوق المدربين ، وتعمل على تنظيم عملهم ، وتحصيل حقوقهم ، وتطوريهم فنياً ومهنياً .
– لاعبي المفضل محليا عارف عوفي ، وعربيا محمد أبو تريكة ، وعالميا البرازيلي سقراط .
– جيد جداً تكاثر الأكاديميات الرياضية في الوقت الحاضر ، والمطلوب من القائمين عليها زيادة الاهتمام بالمهارات والفنيات ، والعمل على صقل ذلك من خلال المباريات ، والبطولات الكروية .
– أرى انّ الإعلام الرياضي المحلي يخدم المنظومة الرياضية ، ويتابع الأنشطة الرياضية في كل مكان ، وهناك مهنية في ذلك ، فشكراً لمن ساهم في تطوير الإعلام ، علماً بأنني كانت لي في البدايات تجارب إعلامية ، كما كنت حلقة تواصل بين صحفنا ، وأخي فايز في الجزائر ، فكنت أزوده بما ينشره في الصحف ، مع ملخصات عن الرياضة الفلسطينية .
– أعتقد أنّ اتحاد الكرة أحدث طفرة نوعية في كلّ عناصر اللعبة ، من منشآت وملاعب ، وصقل حكام ومدربين ، ودورات متنوعة ، والشكر هنا لراعي الرياضة سيادة اللواء جبريل الرجوب “ابو رامي” على كل ذلك ، آملاً من الاتحاد العمل على تنظيم بطولات الفئات العمرية ، بالتزامن مع بطولات الكبار .