2024-11-22

درويش الحولي صورة مشرقة للرياضة في خدمات رفح

2021-03-04

بال جول قلم فايز نصار

لم تحل النكبة الأليمة دون مواصلة اللاجئين الفلسطينيين لعشق للحياة ،وشارك أبناء المخيمات في الفعل الحضاري الفلسطيني ، من خلال المواقع التي أقاموا فيها  ، بعد المجازر الكبرى التي ارتكبت بحقهم .

وكان لأبناء مخيمات غزة دور فلسطيني فاعل في مختلف المجالات ، وعضّ أبناء مخيمات القطاع على رسالة الرياضة الفلسطينية ، وسهروا الليالي باحثين عن التفوق ، الذي يمثل الصورة المشرقة للعطاء الفلسطيني .

ومن جنبات مخيم رفح خرج كثير من النجوم المرموقين ، الذين تركوا بصمات مؤثرة في سجلات الرياضة الفلسطينية ، ولعل في مقدمتهم الملاكم الرفحي درويش الحولي ، الذي سجل أسمه بقوة في نزالات الفن النبيل .

ونجح أبن قرية يبنا في خطف الأضواء الرياضية ، من خلال همته الإدارية ، التي رفعت أسهم الفريق الأخضر ، وأحدثت التوازن الرياضي في عاصمة الجنوب مع الزعيم شباب رفح .

وقاد أبو رياض الخدمات لتحقيق إنجازات غير مسبوقة في بطولة السلام بالنرويج ، وفي بطولة الأندية العربية بالقاهرة ، مستفيداً من النجوم الذين تخرجوا من مدرسة الخدمات الكروية ، التي يشار لها بالبنان .

ويعتبر الحولي مرجعاً في تفاصيل الرياضة الفلسطينية أيام رابطة الأندية بغزة ، حيث كان نائباً لرئيس الرابطة معمر بسيسو ، قبل أن تصبح له محطات أخرى من العمل مع اتحاد الكرة بعد قيام السلطة .

بسرعة مضت الأيام ، التي كتب الحولي على صفحاتها بأحرف الفخار ، من خلال حكاية رياضية طويلة ، فصولها مليئة بالمكاره والسرور ، وأتركه يروي لكم موجزها ، منذ حط رحاله في رفح بعد النكبة الأليمة .

-اسمي درويش مصطفى مسلم الحولي  ” أبو رياض ” من مواليد قرية يبنا بفلسطين التاريخية يوم 1/1/1940

– كانت بدايتي الرياضية كلاعب ضمن فريق المدرسة ، ولعبت الملاكمة ، مع مركز التربية الأساسية ( خدمات رفح ) ، ثم انتسبت لنادي غزة الرياضي ، وتدربت على فن الملاكمة ، على يد بطل فلسطين المدرب محمد الريس ، والمدرب عصمت الحلبي ، وقد ظهرت مع هذا الفريق ، الذي كان من أقوى الفرق الرياضية بنادي غزة الرياضي ، في الألعاب الفردية والجماعية  في تلك الفترة .

– ومنذ أيام المدرسة كنت أشاهد فريق الكشافة ، التابع لمركز التربية الأساسية ، الذي أسسته وكالة الغوث الدولية عام 1951 ، وقد أعجبني هذا الفريق ، فقررت الانضمام له ، واتصلت مع المدرب الكشفي أبو سلطان ، والأخ راجح صبح ، الذين كانا يشرفان على الفريق الكشفي ،  فرحبا بانضمامي ، حيث تدرجت في مختلف المراتب ، إلى أن حصلت على الشارة الخشبية .. ولكن بعد ذلك واصلت دراستي في مركز التدريب المهني بغزة  ، فانقطعت عن التدريب .

– وخلال مسيرتي الرياضية تقلدت العديد من المناصب الرياضية ، أهمها رئاستي لنادي خدمات رفح لعدة دورات انتخابية ، حتى نهاية سنة 2010 ، وكنت نائب رئيس رابطة الأندية سابقاً ، وعضو لجنة الانضباط ، ثم عضو لجنة الاستئناف في اتحاد كرة القدم سابقا ، وحالياً أنا نائب رئيس مندى رواد الحركة الرياضية  .

– أعتقد أنّ أفضل رياضي تفاعل مع جهودي الأستاذ فتحي أبو العلا “أبو يوسف ” الذي كان عضو اتحاد كرة القدم عن نادي خدمات رفح ، وعضو مجلس الإدارة . 

– بفضل الله حصلت سنة 1962 على منحة دراسية في السويد ، وبعد قضاء سنة في السويد أكملت دراستي في لبنان ، حيث درست في سبلين ( لبنان ) ، وهناك خضت  عدة نزالات في الملاكمة ، وتقابلت مع بطل الجنوب اللبناني وفزت عليه ، ويومها حضر عدد كبير من المهتمين بالرياضة ، وكان من بينهم عدد من الأجانب ، وقد أشادت الصحف اللبنانية بهذا اللقاء المثير .

– ومن الإنجازات التي حققتها لفلسطين تولي رئاسة مركز نشاط الشباب التربية الأساسية عام 1978 ، وقد اتخذت الإدارة قراراً بتحويله إلى نادي خدمات رفح ، حيث كان الأعضاء يهتمون بالألعاب الفردية ، مثل الملاكمة ، والمصارعة ، وكمال الأجسام ، ورفع الأثقال ، كما قررت الإدارة في عهدي إنشاء مدرسة لكرة القدم من سن 10 سنوات فما فوق ، وتم اختيار مدربين مؤهلين لها ، وبعد فترة من الزمن حقق فريق الأشبال تحت سن 15سنة إنجازات تحترم ، حيث فازوا بعدد من البطولات على مستوى أندية قطاع غزة .

 – وسنة 1995 تلقينا دعوة للعب في النرويج  ، فسافر الفريق مع عضو الإدارة محمد نجيب أبو نحلة ، والمدرب القدير /علي العايدي للعب ضمن دورة السلام ، وكان هناك دعوة ل35 فريقاً تحت سن 15 سنة ، من عدة دول ، وحقق الفريق المركز الثاني ، وفي لقاء الافتتاح فاز فريق خدمات رفح ، على فريق النرويج المشارك في البطولة ، وحصل فريق الخدمات على درع مجسم سفينة من الفضة باسم (الفايكنج ) ، أي ملوك البحار ، إضافة إلى كأس المركز الثاني ، وكان هذا الإنجاز الأول عالميا .

 – وفي عهدي فاز فريق كرة القدم الأول بدوري أبطال قطاع غزة ، وفاز على بطل الضفة الغربية فريق الأمعري ذهابا وايابا ، وقد تلقينا دعوة من الاتحاد العربي 1996 للعب باسم فلسطين في بطولة الاتحاد العربي ، ضمن البطولة الثانية عشرة لأبطال الأندية العربية ، حيث حققنا المركز الثالث ، في البطولة التي نظمت بالقاهرة ،ويومها سجلنا اسم فلسطين بتحقيق أول فوز أمام فريق البليدة الجزائري ، ويمها نال الخدمات جائزة  البطولة للعب النظيف   .

– خلال مسيرتي في الرياضة ساهمت في جمع تبرعات للنادي ، وعملت على تنظيم بطولات في بعض الألعاب ، التي تستهوي الجمهور ، وجمعنا مبالغ جيدة ، طورنا بها مرافق النادي ، إضافة إلى تنظيم بطولة كمال الأجسام لأبطال قطاع غزة ، وبطولة أخرى لأبطال الضفة وغزة ، حضرها أكثر من 60 بطل كمال أجسام من الضفة والقطاع ، وذلك برعاية الحاج / رشاد الشوا ، وبحضور السيد / حميدي البرغوثي ، ورئيس بلدية رفح الحاج شحدة زعرب ، وعدد من وجهاء مدينة رفح ، الذين تبرعوا في حينه بمبالغ محترمة ، استغلت في تطوير مرافق النادي .

– أعتقد أنّ أفضل من خدم الرياضة الفلسطينية حالياً اللواء جبريل الرجوب ، كما أن الحاج رشاد الشوا خدم الرياضة الفلسطينية قديماً ، حيث أوفد العديد من الفرق الرياضية ، للمشاركة في البطولات العربية ، والآسيوية ، بما ساهم في تحقيق انجازات كبيرة لفلسطين نعتز بها .

–  من أجل تعزيز دور الأندية  أقترح عليها أن لا تعتمد على الرياضة فقط ، وأن توسع دائرة اهتمامها بالنواحي الثقافية ، والاجتماعية  ، لضمان مزيد من التفاعل مع المجتمع ،  أي أن يكون المجتمع حاضنة لهذه الأندية ، من ذلك مثلاُ أن تشارك الأندية في المناسبات الدينية ، والوطنية .

– وعلى الأندية أن تقوم ببناء مرافق تدر الدخل على صناديقها ، كبناء محلات تجارية لتأجيرها ، أو عمل مرافق بمساعدة السلطة تكون باسم الأندية ، للاعتماد على النفس ، أو أن تقوم السلطة بوضع نسبة على فاتورتي الكهرباء والمياه لصالح الأندية ، ويجب على الأندية تأسيس مدارس رياضية تدعم النادي ، وتوفر بعض اللاعبين ، بدل الاعتماد على الآخرين ،  إلا للضرورة .

– وخلال مسيرتي ساهمت في انشاء مدرسة لكرة القدم في الخدمات ،  بإشراف أفضل المدربين ، لدعم الفريق الأول باللاعبين المحليين ، وساهم ذلك في الحصول على عدد كبير من البطولات ..كما استعنا بالمدرب المصري القدير البوري ، الذي ساعد في تدريب الفريق الأول ، في تصفيات آسيا بلبنان ، والأردن ، والعراق ، وكان على مستوى جيد ، حيث ظهر الفريق  بمظهر أشاد به الجميع .

– وخلال قيادتي للخدمات تواصلنا مع مسؤولي نادي المقاولون العرب المصري ، الذين ساعدوا في توفير الملاعب لتدريب النادي ، لأنّه لم يكن هناك ملاعب معشبة في غزة ، وتخصيص سيارة لنقل اللاعبين من وإلى الملاعب خلال البطولة العربية بالقاهرة ، وتواصلنا مع الجامعة العمالية بمصر ، التي استضافت الفريق في مقر الجامعة عام 1996 ، حيث نظمنا معسكراً تدريبياً قبل بدء البطولة ، للتدريب على ملاعب معشبة…ويومها ساعد القائمون على نادي المقاولون العرب مشكورين في توفير وحدة علاج طبيعي للفريق ، وفرزوا طبيباً للإشراف على علاج اللاعبين ، وبالمناسبة أتوجه بالشكر للأمين العام للاتحاد العربي لكرة القدم في حينه السيد عثمان السعد ، الذي سهل كثير من امور الفريق .

–  وبخصوص الحضور الجماهيري  في الملاعب أقترح التريث في الأمر حتى تنزاح الجائحة ، ثم البدء في تقنين عدد الجماهير في الملاعب ، وتنظيم ذلك من خلال الأندية ولجان الانصار ، مع الالتزام التام بمقتضيات السلامة من الوباء ، ومكافحة شغب الملاعب ، وتنظيم لقاءات مع الأندية ، ومحاضرات توعوية توضح الخطة الاستراتيجية ، التي يضعها أطباء متخصصون في ذلك ، وأخصاء في مكافحة الشغب المقيت . .

–  حتى يتطور دوري المحترفين أقترح تعزيز المشاركات الخارجية ، لأنّها تعود بالفائدة العظيمة على فلسطين ، وتنشر اسم فلسطين في المحافل الدولية ، وليس ذلك ممكنا إلا من خلال الاحتراف ، لذلك علينا دعم الاحتراف ، ومساعدة السيد اللواء جبريل الرجوب ، الذي فكر بهذا الأسلوب الرياضي ، الذي يعزز الدور السياسي الفلسطيني ، وعلينا – كسلطة وشعب – دعم هذا التوجه ، ورسم خطط استراتيجية ، تعد من قبل متخصصين لتوجيه الأندية ، وتوفير حوافز للأندية ، واللاعبين المميزين ، وضمهم للفريق الوطني ، الذي سيكون له شأن مستقبلا ، وعلى السلطة الوطنية ، والشركات المالية أن تتبنى الأندية ، وتقف خلفها ، لأن الأندية إذا تركت وحدها لا تقدر على توفير متطلبات الاحتراف .

– بصراحة أكثر إداري يعجبني اللواء جبريل الرجوب ، فهو من نقل الرياضة الفلسطينية من المحلية الى العربية  ، ثم الى العالمية ، من خلال التواصل مع الفيفا ، وهذا إنجاز بحد ذاته له كل الشكر عليه ، آملين منه  مزيداً من الاهتمام بأندية قطاع غزة ، التي  يوجد بها لاعبون جيدون ، وهم قادرون على المساهمة في تحقيق الإنجازات ، التي تشرف  فلسطين  ، ففي غزة كثير من النجوم أمثال ابن الخدمات عبد اللطيف البهداري .

– أرى أنّ الإعلام الرياضي بشكل عام جيد ، ولكن عليه التجرد من الانحياز للأندية ، ويكون حيادياً ، وينظر للأمور بمنظار الحيادية .

– لو عاد التاريخ نعم سأدخل المعترك الرياضي ، لأنني راض تمام الرضى عن الفترة  ، التي قضيتها رئيسا لنادي خدمات رفح ، حيث حققنا إنجازات كثيرة ، ولو قدر لك أخ فايز زيارة نادي خدمات رفح ، ستسر بمشاهدة أول معرض لمقتنيات مسيرة نادي خدمات رفح ، التي تسجل تاريخ ناصع البياض لهذه القلعة العملاقة بأبطالها ومشجعيها وإدارتها .

– من الأحداث التي عشتها في مجال الرياضة ما حصل بعد مجزرة صبرا وشاتيلا ، حيث نظم نادي خدمات رفح معرضاً فنياً لعضو مجلس الإدارة الفنان عوض أبو عرمانة ، ويحكي  المعرض قصة مجزرة صبرا وشاتيلا ، وحضر المعرض كثير من جماهير رفح  ، وتمّ تصميم رزمانة سنوية تحمل صور بعض صور شهداء المجزرة ، وقمنا بتوزيعها على من حضر افتتاح المعرض ، فقامت  سلطة الاحتلال باستدعائي ، ووجهت لي تهمة التحريض ، وسجنت عدداً من أعضاء النادي ، الذي أغلق لمدة 10 سنوات ، ولكن الإدارة واصلت رسالتها من خارج مقر النادي  تمكنا من ادارة النادي ، حتى أعيد فتح النادي  سنة 1993 ، وعدت رئيسا للنادي حتى عام 2010  .

 – ومن حكايات الملاعب انني كنت موظفاً في الوكالة ، وطلب مني بعد حرب 1973 تشكيل لجنة تحضيرية لخدمات رفح ، ويومها نظمنا بطولة في المصارعة الحرة مع مركز شعفاط ، الذي صرح إداريوه بأنهم قوبلوا بالمودة والحب في رفح ، حيث كان على أعضاء مجلس الغدارة  فلسطين ، بما اقتضى استدعاءنا من قبل سلطات الاحتلال ، وطلب منا عدم دخول النادي  .

– اخبراً لك أخي فايز نصار كل الاحترام والتقدير ، فقد ذكرتني بأمور أعتز بها ، وأشكر لك اهتمامك بالعمل على توثيق تاريخ الحركة الرياضية ، التي سيطلع عليها الأجيال القادمة مستقبلا .