عيون الوطن تبكيك
هذا المساء الممطر بالوحدة والفراغ يسدل ستائر الأفق باكرا وعلي غير عادته بوجه الشمس ويتخلى القمر عن ضياءه ويغيب الحكيم والضمير الرياضي مضمد جراح الوطن الرياضية وبلسمها الشافي الفقيد الراحل عمر صبيح
في هذه اللحظات الحزينة يستذكر الرياضيين الجهود العظيمة للفقيد الذي يعتبر من أبرز مؤسسي النادي الأهلي الفلسطيني وأحد أعمدته الرياضية الشامخة خلال العقود المنصرمة.
فبرحيله فقدت الحركة الرياضية شخصية حكيمة وفذة لها إسهاماتها في كل المجالات التعليمة والرياضية والتاريخ يشهد للراحل المربي والقائد الرياضي صبيح خدمته لوطنه بتفاني وإخلاص ولاسيما في السنوات العجاف.
الفقيد الراحل من الشخصيات الرياضية والوطنية والمجتمعية التي لعبت دورا ايجابيا في عملية البناء الوطني والرياضي لجانب ذلك كان له جهود مميزة وعطاء طيب في المسيرة التعليمية على مدار أربعة عقود.
كان الفقيد قائد وطنيا بامتياز وقائدا رياضيا تربويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى,وجسرا للوحدة والوفاق وبرز دوره جليا في محطات مواقف كثيرة شهدها الوطن.
كان على ارتباط وثيق مع قادة ومرجعيات الرياضة الفلسطينية حيث حرص ورغم ظروف مرضه على التواصل لأنه يحمل قلبا عامرا بالإيمان وحب الوطن والتضحية من أجل رفعة الرياضة الفلسطينية.
ولد الفقيد الراحل عمر صبيح بمدينة غزة عام 1947م ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة الإمام الشافعي والإعدادية بمدرسة اليرموك والثانوية بمدرسة فلسطين ، ثم التحق بكلية التربية بالإسكندرية.
مارس النشاط الرياضي من خلال فرق المدرسة وكان يعشق لعبة الجودو خصوصاَ وأن هذه الرياضة تمتاز بحركات ومهارات الدفاع عن النفس وتعطي ممارسها القوة والثقة بالنفس.
كانت بدايته مع لعبة الجودو في مصر عندما أعلن اتحاد طلبة فلسطين بالإسكندرية عن تكوين فريق للجودو فانضم صبيح لفريق الجودو وبدأ بالتدريب على يد المدرب اليوناني الشهير”سيكوبلاندروس ” وأعجب المدرب اليوناني بإمكانيات وقدراته وشغفه بهذه اللعبة فتنبأ له بالحصول على درجات عالية وقد حصل على الحزام الأسود.
التحق بالنادي الأولمبي بالإسكندرية واستمر في التدريب حتى العام 1973م شارك بالعديد من اللقاءات والبطولات على مستوى الجامعة ومثل كلية التربية في أكثر من بطولة على مستوى الجامعات والمعاهد المصرية بالإسكندرية وحصل على المركز الأول في الوزن الثقيل.
عمل ضمن الهيئة الإدارية بالنادي الأهلي الفلسطيني عام 1974م وحصل فريق النادي بالجودو على مراكز متقدمة .
شغل منصب أمين سر الاتحاد الفلسطيني للجودو وأعطى عصارة فكره وجهده وخبرته للاتحاد للمساهمة في رقي وتقدم هذه اللعبة.
ختاما…
تعرض البطل والمدرب عمر صبيح لاستهداف من الاحتلال مرات عديدة ورغم ذلك صمد وواصل مسيرة عطائه لبناء أجيال رياضية فلسطينية قوية صلبة معافاة من كل الأمراض فزاول تدريباته في جمعية الشبان المسيحية في العراء وفي صالة النادي الأهلي الفلسطيني .
وخلال هذه الفترة تعرض لممارسات وضغوط تحت حجج واهية من قبل الاحتلال تمثلت في المطالبة بترخيص رسمي للتدريب وتوفير صالات خاصة بمزاولة هذه اللعبة ورغم ذلك لم يبالي عمر صبيح فواصل تدريباته بإيمان المؤمنين ونجح في تشكيل وتكوين مجموعات كبيرة من أبطال الجودو.
هذه سطور متواضعة نخطها بمداد القلم عن قائد وطني ورياضي سيبقى في ذاكرة التاريخ.