دبر حالك
عندما يقتنع الشخص الذي تطلب منه طلبك الشرعي ولا يستطيع تلبيته أو لا يريد تلبيته ، يقول لك” دبر حالك” ، وكلمة دبر حالك كلمة شعبية فلسطينية تجعل منك سوبر مان في تلبية احتياجك في ظل أقل الإمكانيات ، وعادة ما تقال هذه الكلمة أيضا للأشخاص الذين لا قيمة لهم ، ولا اعتبار بالخليلي “قليلين القيمة ” .
استغراب ؟!
في كل المباريات المهمة ، تكون هناك حالة من الاستنفار أبطالها قوات الأمن ولجان الاتحاد الفلسطيني و إدارة الإستاد مستضيف هذه الفعاليات ، وكل المسؤولين في كل الاتجاهات ، وأبرز حالات الاستنفار يكون ضحيتها الصحفي والإعلامي بمعاملته كدخيل وغريب وعبئ كبير على هذا الحدث ، وحقيقة هذا يضع علامات تعجب واستغراب ،واستفهام ، لماذا الصحفي يتم معاملته بهذا الشكل ؟ لماذا نعتبر عبئاً وزيادة على الكرة الفلسطينية ؟
إلي صار
قبل حوالي أسبوعين ، كتبت مقالة بعنوان (وبعدين) ، تتحدث عن معاملة الصحفيين السيئة ، وكتبتها بعد مباراة منتخب فلسطين ومنتخب الإمارات في بطولة غرب آسيا للناشئين ، المهم وفي قرارة نفسي ، توقعت أن يتم الاستجابة على المطالب الصحفية البسيطة ، التي تجعل الصحفي قادرا على ممارسة نشاطه في توفير – كما قلت في المقالة السابقة – مكان مغلق وفيه أبواب وفيه شباك وكراسي وطاولات وكهرباء ، وقلت على الأقل طاولات وكراسي وكهرباء يدون أبواب وشبابيك ؛ فعند دخولي إلى الإستاد طلب مني الذهاب إلى منطقة الإعلاميين وفي المقالة السابقة قلت : ” انه تبادر إلى ذهني مكان مخصص للإعلاميين مجهز بكل شيء” ، أما هذه المرة فلم يتبادر إلى ذهني سوى لاشيء من التجهيزات للمنطقة المخصصة للإعلاميين .
تسهيلات
فدخلت إلى الملعب “وللأمانة دخلت ببلاش ، يعني ما دفعت تذكرة” ، لم أرَ المكان المخصص لنا لأنه لا توجد أي إشارة لذلك ، فوقفت على السياج المطل على منطقة الاستنفار كي اسأل أين المكان المخصص لنا ، شعرت بان صوتي منخفض ، فأنادي على فلان وعلى علان ولكن لا فلان ولا علان “معبرني” ، وفجأة شاهدت احد المسؤولين الإعلاميين في الاتحاد يسلم “فستات ” لونهم فسفوري وبرتقالي وعلى ما اعتقد أن الفسفوري لمن يحمل كاميرا وعددهم 25، والبرتقالي لناقلي البث وعددهم8 ، وهذا يسمح لهم بالتنقل داخل الملعب ، وتعطى حسب حجم الكاميرا .
مسؤوليات
وفي هذه الأثناء وأنا جالس بجانب المصورين قدري سلامة ، ويوسف شاهين ، شاهدت زميلي خليل رواشدة البادية على وجهه علامات الاستياء ، يناقش الزميل غسان جرادات الإعلامي في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، فذهبت إليهم من باب الفضول لكي أستمع لما يقولون ، وكان الحديث الجاري “ما هي الإمكانيات المتاحة لكي نمارس عملنا وكتابة التقارير الصحفية” ، ولكن جرادت لم يستطع مساعدتنا لأنه مقيد بمجموعة من الإجراءات والعراقيل الموضوعة أمامه، وانضم إلينا في هذا الحوار زميلنا نادر سليمان من الأيام وشحادة داوود من القدس والمذيع عمار بدر ، وكان الاستياء العلامة المميزة على جميع الوجوه ، وأجبرنا على الذهاب للمنطقة التي تسمى إعلامية ، وما يميز هذه المنطقة وجود أكثر من 500 مشجع ، جلسنا لا نستطيع كتابة أي شيء على جهاز الكمبيوتر المحمول ، فتحدثنا مع مسؤولي الأمن ، نوضح لهم ضرورة تخصيص مكان لنا لممارسة العمل ، وعاودنا مرة أخرى الحديث مع إدارة الإستاد ، أبلغتنا بأنها ليست المسؤولة عن الموضوع ، ورجعنا وسألنا الاتحاد الفلسطيني قال بان هذه خطة أمنية لا نستطيع التغيير بأي جزء من تفاصيلها ، ورجعنا إلى الأمن وقال نحن ننفذ خطة الاتحاد ، فقررنا الصحفيين ، كلنا باستثناء بعض منا ، عدم تغطية المباراة وإبلاغ رؤساء التحرير بذلك ، فقالوا : اعملوا المناسب ، وخرجنا من البوابة المخصصة للإعلاميين ، فلم نستطع الخروج في المرة الأولى ، لأنها مزدحمة بالمشجعين الداخلين إلى ما يسمى المنطقة الاعلامية .
في الرمق الأخير
وبعد خمس دقائق استطعنا الخروج ، وفي محاولة أخيرة ذهبنا إلى مدخل المنصة وإذ بأحد الزملاء يخبر أحد أفراد الشرطة بأننا صحفيين ، فقال لنا : لماذا لا تدخلوا إلى المنصة الرئيسية ، فقلنا له : غير مسموح ، فإذ به يقول لأحد الأفراد : “افتح الباب هؤلاء صحافة” ، ودخلنا وجلسنا في أعلى المنصة على الجهة اليسرى ، وبدأنا بكتابة التقرير بعد مرور 27 دقيقة من عمر المباراة .
على الفاضي
بصراحة ، أكتب ما حدث وأنا على يقين بان كل حرف على الفاضي – يعني لا بقدم ولا بأخر- وحقيقة أن الإعلام في رياضتنا الفلسطينية مهيض الجناح ، لا يمكن أن يتم النظر إليه بأنه مؤثر وان لديه قدرة على التغيير ، ومن يتغنّ بدور الإعلام عليه أن ينظر نظرة أشمل وأدق لما نحن فيه الآن . مرة أخرى أؤكد بان الإعلاميين بيدهم تغيير هذا الحال إذا تعاملوا مع حقوقهم بكل حزم وبدون مجاملة لأحد ضمن فريق واحد .