أنــا لا أبــيــع ولــكـــني أتفهم .. نفســـيات ضعــيفة
غزة – جهاد عياش
الحكاية الأولي : فارس بلا جواد
في مشهد حالم قبل لحظة التتويج،استعد ربع العريس والعروس ، وقد لبس كل منهم أبهي حلة،وارتسمت على محياهم أجمل ابتسامة،وهم يتجادلون ، من يقف على يمين الموكب، ومن يقف على يساره ، ومن يتقدم الموكب المهيب وهويحمل الشمعدان ، ومن يسير خلف الموكب ويرفع طرحة العروس ، وآخرون اتفقوا مع الفرقة الموسيقية ،وبأي الأناشيد سنبدأ ونطرب، وآخرون بحثوا عن فرقة الفدعوس المناسبة لهذا الحدث الكبير، وهذا العرس والتتويج الذي طال انتظاره،وسهر الجميع وعاشوا ليلة من أجمل الليالي ، وهم يتأنقون في اختيار الملابس والألون ،ويتألقون في رسم الصورة البهية التي ستبهر الناظرين، وتسحر المشاهدين،ونسوا جميعا والحال هذه،الثمن الذي يجب أن يدفع، والجهد الذي يجب أن يبذل ، والهدف الذي يجب أن يحرز ، من أجل أن تتحقق الأحلام ، وتقام الأفراح والليلي الملاح .
صدمة كبيرة عاشتها جماهير خدمات رفح ، وعايشها أعضاء مجلس الإدارة ، وجسدها على أرض الملعب الجهاز الفني واللاعبين ، الذين ظنوا أن الأمور قد حسمت بعد هزيمة الفارس المنافس ، نادي الصداقة ، وانسحابه، وترك جواد السباق طواعية لمنافسه خدمات رفح ، الذي فرط بجواد البطولة هو أيضا، بعد هدف اللوح محمد لاعب العميد في مرماهم ، وخسارة غير متوقعة ، في وقت لم يفكر فيه أشد المتشائمين من أنصار ومحبي خدمات رفح ، إلا بالتتويج ولو بتعادل سلبي ، صحيح أن هذه الاحتفالات ربما تقوم في الأسبوع القادم ، ولكن يبدو أن الأمر أكثر تعقيدا، لأن المنافس القادم هو نادي الصداقة نفسه، حيث يلتقي الفريقان وجه لوجه على ملعب اليرموك ، وإذا ماخسر الأخضر الرفحي في المباراة القادمة ، سيتوجب عليه عدم الخسارة في المباراة الأخيرة ، أمام منافس قوي بحجم شباب رفح. وربما ينطبق هذا المشهد على متصدر الدرجة الأولي، النادي الأهلي الذي خسر مباراته أمام الزيتون ، وكان مرشحا بقوة للصعود للدوري الممتاز، ولكن بعد الخسارة ونجاح الفرسان الثلاثة الملاحقين له بالفوز ( الجلاء والتفاح والقادسية) قد يعقد من مهامه ، وقد يجد نفسه مرغما على الدوام في الدرجة الأولي لموسم آخر.
الحكاية الثانية : دوابشة ينقذ رونالدو
اعتدنا في الفترة الأخيرة، ومن حين لآخر ، على ومضة أو لفتة كريمة من هنا وهناك ، تشعرنا بالأمل بعد الألم ، وبالسعادة بعد التعاسة ، وبالفرح بعد الترح ، وبالحب بعد الكره ، وكأني بهؤلاء يهمسون في آذاننا ، أنكم لستم وحدكم ، نحن نري ونسمع ما يدور عندكم ، بل نحن نشهد على جرائم الاحتلال ضدكم ، ضد أرضكم ، ضد رجالكم ، ضد نسائكم ، بل ضد أطفالكم ، عائلة دوابشة التي أحرقت بفعل الحقد والغدر والتحريض الصهيوني ، هذه العائلة التي قضت نحبها ، ولم يبق منها سوي الطفل أحمد ، الذي لم يعرف ما الذي حدث له ولعائلته ، ولا يدري ماهو السبب ، يدفع الثمن غاليا ليلتقي أحد نجوم وأساطير كرة القدم ، نجم ريال مدريد كرستيانو رونالدو ، الذي يمرب موسم سيئ على الصعيد الشخصي، وعلى صعيد فريقه الريال ، ويعيش أحمد لحظات يتمناها كل طفل وكل محب للريال ولنجومه ، هذا الطفل ضحي بأمه وأبيه وإخوته عنوة ، من أجل الوصول إلي البرنابيو ، ذهب هناك ليشهد نجوم الريال ومشجعوه، وكل رياضي ومحبي الرياضة في العالم ، على بشاعة الاحتلال و عنصريته و جرائمه ضد الأبرياء العزل ، هذا العدو الذي لم يفرق بين رجل وامرأة وطفل ، ولم يرحم سكينة وهدوء هذه العائلة ، وانقض عليها في جنح الظلام ، ولم تفوت الأسرة الرياضية في قطاع غزة، هذه الفرصة واغتنمتها، وقدمت الشكر الجزيل لنجم الريال، وصنعت له راعية الرياضة والرياضيين في قطاع غزة مؤسسة أمواج ، بقيادة السيد عبد السلام هنية، جدارية كبيرة ، علقت في ملعب اليرموك ، وسط حشد جماهيري كبير، تقديرا وشكرا لهذا اللاعب الكبير، الذي يعيش موسما صعبا، ولم يقنع محبيه خاصة في قطاع غزة ، فجاءت هذه اللفتة وهذا اللقاء مع دوابشة لتنقذ كرستيانو ، وتشعر جماهير الريال عامة وعشاق كرستيانو رونالدو بالرضي عن هذا النجم وتنقذ موسمه أمامهم.
الحكاية الثالثة : أنا لا أبيع ولكني أتفهم
لا حديث في الأسابيع الأخيرة من الدوري في قطاع غزة ، إلا عن بيع المباريات وتفويتها من قبل بعض الأندية ، لمصلحة أندية أخري ، ومهما كانت النتائج ، يتم تأويلها وتوجيهها فورا ، وتجييرها لفائدة طرف معين ، بل إن كثيرا من السيناريوهات التي حدثت في المباريات الأخيرة، سواء في الدوري أو الكأس ، حيكت على ألسنتنا قبل أن تقام المباريات ، والعجيب أن بعض هذه السيناريوهات قد جسدت بالفعل على أرض الواقع ، من خلال النتائج النهائية لبعض المباريات ، وحدث ذلك في المواسم السابقة ، والجميع ينكر هذه التهمة ، من أعضاء اتحاد أو أندية أو حكام أو لاعبين أومدربين ، على الرغم من بعض المشاهد التي تثير الشك فعلا ، كأن يلعب الفريق بالتشكيلة الاحتياطية أمام فريق بعينه ويخسر المباراة ، أو أن يتهاون حارس مرمي في الذود عن مرماه ، أو يقوم أحد اللاعبين بارتكاب مخالفة في منطقة الجزاء لاداعي لها ، ليستفيد الفريق المنافس ، أو أن يتعمد بعض اللاعبين المهمين الحصول على بطاقة ثالثة ،كي لايشارك في المباراة المقبلة ، أو ادعاء البعض للإصابة ، أو عقد صفقات بيع وشراء اللاعبين، أو انتقالهم في مواسم قادمة ، وربما أشياء أخري تحدث تثير الشك والريبة ، خاصة إذا سبق ذلك بأحداث شغب ومشاكل بين فريقين ، أو تسريب بعض التسجيلات كما حدث مؤخرا ، والسؤال كيف للاتحاد معالجة هذه القضية المعقدة كونها تفتقد في أغلب الأحيان للأدلة والبراهين ، وكيف سيتعامل الاتحاد مع الشكوي المقدمة له من قبل بعض الأندية ، فالاتحاد ليس طرفا في هذه القضية – وإن كان بعض أعضائه أو أعضاء لجان مسابقاته، من رؤساء و أعضاء مجالس إدارات الأندية -وهي بين الأندية فيما بينها ، وربما بين اللاعبين والمدربين أنفسهم، بعيدا عن مجالس الإدارات ، أو بعلمهم أو علم بعضهم ، خاصة أن بعض أعضاء مجالس الإدارات غير منسجمين مع بعضهم البعض، والحال كذلك، فلا أحد يبيع أو يشتري، ولكنهم يتفهمون وضع بعض الأندية وتاريخها وحاجتها للنقاط ، فكل أنديتنا عريقة، ومن العيب أن تهبط إلي الدرجة الأولي ، ولكن يوفنتوس وموناكو وأتلتيكو مدريد والرينجرز وغيرها من الأندية التي هبطت إلي الدرجة الثانية ليست عريقة .
الحكاية الرابعة : نفسيات ضعيفة
الاعداد النفسي ، والتهيئة الذهنية ، والتطور الفكري ، والتأقلم مع الظروف ، والقدرة على الابتكار لدي اللاعبين ، صفات وعوامل نفتقدها كثيرا في ملاعبنا ، خاصة عند اقتراب الموسم من نهايته ، وحصد الثمار المرجوة ، بعد موسم شاق وطويل ، وعلى الرغم من الحديث والتنويه المتواصل من قبل المحللين والنقاد والصحفيين ، والتأكيد على أهمية الموضوع ، إلا أننا نشاهد الأخطاء تتكرر في كل موسم ، ولدي العديد من الفرق ، ولعل عدم تتويج خدمات رفح باللقب على أرضهم ووسط جماهيرهم، حتى أنهم لم يفلحوا بالتعادل الذي يضمن لهم اللقب ، أبرز دليل على ذلك ، وظنوا أنهم حصدوا ما زرعوا ، وقالوا من يمنعنا من التتويج ،بل واحتفلوا وفقدوا التركيز، فخسف بموكبهم الأرض ، ونادي الصداقة الذي كلما اقترب من بوابة الكبار، أصابته القشعريرة ، وارتعد لاعبوه ومدربوه خوفا ، وخسروا نقاطا سهلة كان آخرها أمام الشجاعية ، والتي لو ظفروا بها وفازوا على خدمات رفح لكانوا الأقرب للتتويج ، وشباب رفح الذي انطلق بسرعة الصاروخ في الدور الثاني ، وعند أول هزيمة من الصداقة ، تراجعت نتائج الفريق بشكل لافت وتأرجحت بين التعادل والخسارة ، وكثر القيل والقال، واستقالت الإدارة وفقد الجميع تركيزه ، وشباب خانيونس الذي يؤدي مباريات الكأس بتركيز عال ، ومباريات الدوري بإهمال كبير ، وعن الشجاعية بطل الثلاثية فحدث ولاحرج ، فقد فقد تركيزه عند أول هزة ، وتشتت شمل الفريق ، وكادت الأحداث تعصف به لولا صحوته الأخيرة وتحقيقه ثلاثة انتصارات متتالية ، وأندية القاع الثلاثة الشاطئ واتحاد خانيونس والهابط فعليا إلي الدرجة الأولي خدمات المغازي ، هذه الأندية فقدت البوصلة تماما ، ولم تستغل عثرات بعضها البعض ، وبدا الضعف والوهن والشرود الذهني والعصبية الدائمة على اللاعبين، وكثرة الشكوي من الحكام، والاعتراض الدائم على قراراتهم ، ونسوا دورهم في الملعب .
هذا الموضوع لا يقتصر على الفرق، بل أيضا على المدربين الذين أخطأوا في بعض الأحيان في التشكيل والتكتيك والتغيير ، وأيضا الأمر ينطبق على الحكام ، فشاهدنا بعض الأحيان عدم التفاهم والانسجام بين طواقم الحكام، والازدواجية في تطبيق القرارات ، واستخدام مبدأ التعويض، وعن الإداريين فحدث ولا حرج ، إنفلات للأعصاب ، وألفاظ نابية ، ودخول إلي أرضية الملعب ، وعلى الجميع تدارك الأمر، والتجهيز للإعداد النفسي والذهني من الآن لأنه مفتاح البطولات .
الحكاية الخامسة : مباريات بلا طعم
على الرغم من أن مباريات الأسبوع العشرين، شهدت تسجيل أكبر عدد من الأهداف هذا الموسم بواقع 23 هدفا ، إلا أن المستوي الفني للمباريات يزداد هبوطا ، وذلك أن الفرق واللاعبين والمدربين ،تشعر وأنهم يؤدون واجبا عليهم ، بل إن هذا الواجب أصبح عبئا ثقيلا عليهم ، وبات مستوي التنافس متدنيا للغاية ، وأمسي المتتبع من الجماهير والمحللين والإعلاميين يشعر بالملل والضجر ، بل يندم الكثيرون على مجيئهم إلي المباريات ، والحقيقة أن نهاية الموسم في أي بطولة في العالم يكون اللاعبون والمدربون في قمة مستواهم الفني والبدني ، وفي أقصي درجات التركيز والجدية ، ولذلك تكون المباريات في غاية الروعة والأهمية ، خاصة إذا كانت المنافسة مازالت مشتعلة على التتويج باللقب ، أو الهروب من قاع الجدول ، ولكن ما يحدث عندنا العكس تماما ، على الرغم من عدم حسم لقب البطولة لأي فريق ،ولم تحسم بطاقات الهبوط ، فما السبب في ذلك ؟ فهل هذا العيب بسبب نظام البطولة التقليدي ( بطل وهابطان ) ، والملامح تشكلت منذ عدة أسابيع واستسلم البقية ؟ أم أن اللاعبين والمدربين يبحث كل منهم عن عقد جديد ، ولا يهمه مصلحة الفريق أو مستوي اللعب الفني ، أم أن أعضاء مجالس الإدارات أهملوا فرقهم ، بسبب عدم تحقيق طموحاتهم ، أم أن هناك أزمات مادية تنعكس على مستوي الأداء ؟ في النهاية لابد من حل . والحل عند المبدعين، وليس المسيرين، فأفسحوا المجال للقادمين من الخلف .